لايزال خطاب السبعينات عالقا لدى البعض ..سوء الظن..التخوين..الاتهام بالعمالة

[نبيل العوذلي]

لاتزال نمطية محددة من الخطاب وردود الافعال لدى بعض الاباء والاخوة
طالما ساهمت في ايصالنا الى ما نحن عليه اليوم ..عالقة في اذهان البعض ويكرروها قولا وعملا..معنا ومع بعض الاخوة ظنا منهم ان هذا الخطاب عنوان سيجعلهم يبرزون بوطنية متميزة عن الاخرين تتيح لهم الفرصة للعلو كما حصل في السابق ..وادى بهم في النهاية الى ما نحن عليه اليوم

سوء الظن...التخوين...الاتهام بالعمالة...

هذا الثالوث هو عمدة هؤلاء الاخوة قديما وحديثا..
فلما خرج الاستعمار البريطاني ..برز هذا الخطاب مخونا قيادات وكفاءات وطنية ليقود انقلابا عليهم فخرجت اول دفعه الى الشمال والسعودية ...اصحاب عشال ..فمحمد علي هيثم رحمه الله...وقبله بيوتات وطنية ووطنيين من اعيان البلاد السلاطين والمشايخ والعقلاء ..وذلك بسبب ذلك الخطاب..اتهامات لهم مبنية على سوء الظن بقراءة النوايا القلبية وتخوينهم واتهامهم بالعمالة

ثم لما جاء ال الشعبي قحطان وفيصل عبداللطيف ..والكفاءات التي اتصلت بهم ...وسلكوا المسلك المعتدل الذي كان يراعي الوضع الدولي ..والمتمثل باتصال اداري مالي عالق بدولة مكثت اكثر من مائة وثلاثين عاما .فلابد من التدرج لنيل المكانة المستقلة سياسيا واقتصاديا ...
برز ذلك الخطاب متهما اياهم بموجبات ولوازم الثالوث

ثم لما جاء سالم ربيع علي ..وعرف ان ديكتاتورية الطبقة العاملة لاتصلح لبلد زراعي ..فأخذ بنمطية الصين بالكمرادورية الفلاحية ..وبدءا يجنح الى تحسين العلاقة مع السعودية عبر مطيع رحمه الله
برز هذا الخطاب ايضا متهما اياهم بسوء الظن والتخوين والعمالة

ثم لما جاء علي ناصر محمد واخذ بتنشيط الاستثمار وتشجيع المغتربين وتحسين العلاقة مع السعودية ودول الجوار
برز هذا النمط من الخطاب متهما اياه ...الخ

واليوم نسمع نفس نمطية الخطاب لاتزال عالقة في جعبة بعض الاخوة ولايستطيعوا تحميلها الشماليين لانهم لم يعدوا بيننا ...وتميزوا عننا ..ولكننا نسمع موجبات ولوازم ذلك الثالوث تنطلق من السنة وافواه بعض الاخوة والاباء
اريد ان ادرس سيكلوجية هذا الخطاب واحلله حتى لاندع له مجالا بيننا
لاننا نريد ان نحلل نوع الداء ..الذي فينا ..وليس من النقص ان نعترف به ..بل ان الاعتراف بالمرض يعد شبا رئيسيا للعلاج
هدر الحسنات والثقة
وهذا منهج تميز به فئة من الناس حيث يهدرون حسنات وثقة شخص معين لمجرد سيئة برزت منه لم يتم حمل اجمالها على المفصل الثابت عن هذا الشخص..وهو ما ميز تجربتنا
مناضلين في حرب التحرير خاضوا القتال المرير ثم هدرت حسناتهم وثقتهم قتلا او سجنا او طردا ..بسوء الظن او بالتخوين ..
نقول ذلك حتى لانعود الى نفس –امدج---بتشديد الميم وهو يعني بيت الدجاج بلغة البدوالعواذل..لانه قد يأتي يوم ويقول قائل الذين كانوا ببريطانيا وامريكا من القيادات التاريخية والحديثة ليس لهم مكان بيننا ..لانهم اتصلوا بالاستعمار القديم الجديد ..او قد يقول قائل النضال كان فقط للاخوة الذين في المعترك الداخلي والذين كانوا يواجهون الرصاص والاطقم ولامكان بيننا لاناس كانوا في الخارج على الارائك ينعمون بمتابعة اخبارنا عبر التلفاز ويشاركوننا عبر الانترنت والاتصال من فوق كرسي مريح دوار

كل هذه الاحتمالات وارده طالما اننا نتيح لمثل هكذا خطاب يسيء الظن جزافا ويخون الاخرين مزاجا ويتهمهم بالعماله بهتانا
وهدر الثقة والحسنات عن الاخرين لمجرد خطأ او سيئة هو من سلوك الخوارج الذين يعتقدون ان الخير في الفرد عبارة عن قطعة واحدة لايمكن تجزيئها او تقسيمها او تبعيضها ..فاما ان تكون موجودة كاملة او ان تسقط كلها لادنى خطأ او ادنى سيئة
ومشابهة سلوك الفرق الضالة لايلزم ان يكون معتقدا عند صاحبه ولكن قد يكون سمة لايعرف انه واقع فيها..وكثيرا ما يكون المريض مصاب بمرض ولايعرف انه مصاب به خصوصا الامراض السيكلوجية

هناك قواعد في الحكم على اقوال الرجال اهمها
حمل المتشابه في قول هذا الشخص او سلوكه على المحكم الثابت عنه وعليه
اي لما يعرف عن الشخص سلوك ثابت في حساته --وطنيا او دينيا - ويصبح سمة ثابته له ,,ويحدث ان صدر منه ذات يوم او ذات اسبوع او ذات شهر سلوك جديد مغاير يبعث على الريبة والشك فيجب اعادة هذا الشيء المتشابه الى المحكم عنه حتى يتم الاستفصال منه

تفسير كلامه وفعله الجديد على عادته وعرفه الثابته فيهيقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
فأنه يجب ان يفسر كلام المتكلم بعضه ببعض وتعرف ما عادته ويعنيه وينظر في كلامه هاهنا وها هنا لمعرفة مراده الذي اراده ..فاذا لم يتم حمل كلامه على هذا النحو وجعل كلامه متعارضا كان هذا تحريفا للكلم عن مواضعه وكذبا عليه
ليس لازم قوله او فعله بمذهب له ما لم يلتزمه

وهذه مسألة مهمة فقد كنا نلزم بعضنا البعض بذهب اليمين الرجعي او اليسار الانتهازي او العمالة للامبريالية بمجرد قول له ..لايلزم ان يكون لازم هذا القول مذهب له او عقيدة او قناعة بهذا النهج او تلك الرؤية