القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن
عاجل |
الجزيرة مباشر | الجزيرة | العربية | روسيا اليوم | بي بي سي | الحرة | فرانس 24 | المياديين | العالم | سكاي نيوز | عدن لايف |
آخر المواضيع |
#1
|
|||
|
|||
للقادة واحرار الجنوب:مقترح بتحويل مبدأالتصالح والتسامح إلى مشروع تسوية تأريخية ونهوض
كتبها صبر - [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات . إضغط هنا للتسجيل]
الأحد, 29 أغسطس 2010 15:21 بسم الله الرحمن الرحيم مقترح بتحويل مبدأ التصالح والتسامح إلى مشروع تسوية تأريخية ونهوض وطني: آبائي وإخواني: رموز وقيادات وحكماء واحرار شعب الجنوب في البداية رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير واسأل الله تعالى أن يتقبل منكم صالح الأعمال ويهديكم وينور بصائركم ويجمع شملكم ويؤلف قلوبكم وقلوب ابناء الجنوب عامة حول قضيتهم العادلة، واسأله تعالى أن يعيد علينا هذا الشهر الكريم وقد حقق الجنوبيون أهدافهم المشروعة. آبائي وإخواني الأجلاء: تعلمون أن الحق تبارك وتعالى جعل من شهر رمضان محطات استراحة ومراجعة، يلتقط العباد خلالها أنفاسهم ليراجعوا رصيد أعمالهم السابقة تمحيصا وتقييما، ومن خلال نتائج هذه المراجعة والتقييم، يستأنفون مشوار طريق حياتهم بصالح أعمالهم بعد تهذيبها وتنقيتها من الأخطاء والسيئات، صوب محطة استراحة ومراجعة قادمة تفصلها عن سابقتها مسافة زمنية قدرها احد عشر شهرا، إلا أن قانون تطور الحياة الإلهي يقرر بأنه: ما تدري نفس ما تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت ؟ ، لأجل ذلك صار لزاما عليكم آبائي وإخواني الأجلاء الحرص على عدم تفويت هذه المحطة دون تمحيص ومراجعة لرصيد أعمالكم السابقة، خصوصا المتعلق منها بقضية شعبكم... خصوصا بأن رقم هذه المحطة بالنسبة لمعظمكم هو ما فوق الستين وبعضكم ما فوق السبعين، وتعلمون أن مواقفكم الراهنة من قضية الجنوب قد تباينت واختلفت وربما تعارضت وتقاطعت، بل وصلت ــ إن لم أكن مخطئا ــ إلى حالة التصادم الذي يسبب عادة الكوارث، وتعلمون بأنه وإن كانت نتائج مواقفكم المتصادمة تلك، لا تؤدي حتما إلى ضياع القضية الجنوبية أو محوها من الوجود، إلا أنها ستميعها وسترحل حلها لسنوات أو لأجيال قادمة، وهذه نتيجة لا أظنكم ترغبون فيها أو تكونون سببا في حدوثها، أو سببا في إطالة أمد الوضع المأساوي والكارثي الذي يرزح تحت وطأته شعبكم، بل لا أظنكم تريدون أن تختمون مشوار حياتكم ونضالاتكم بمثل هذه النتيجة المأساوية.. آبائي وإخواني الأفاضل: إن المتأمل في أحداث تاريخ الجنوب، سيجد بأن الجنوبيين قد عجزوا عن حل أي من مشكلاتهم وقضاياهم الوطنية منذ نشوء الحركة الوطنية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وحتى اليوم، كما سيجد أن تلك المشكلات مترابطة ومتداخلة مع بعضها ويجمعها سبب واحد ساهم بقدر كبير في إنتاجها، هو الفكر والسلوك الاقصائي، الذي تأصل في الثقافة والسلوك الفردي والجمعي لتيارات الحركة الوطنية, فأقصى الإرادة الشعبية من المشاركة في إدارة شؤونها وتقرير مصيرها في القضايا الوطنية الكبرى..الخ، كما أقصى الجنوب وعزلة تماما عن تاريخه وقيمة الثقافية والحضارية المشكلة لهويته، فكان حصيلة هذه الثقافة والسلوك الاقصائي صراعات ومشكلات متتالية أدمت الجسد الجنوبي وأنهكت قواه وجعلته يتخبط يسارا ويمينا لا يدري إلى أين يتجه ولا ماذا يريد، مما جعله ذلك فريسة سهلة للطامعين في السيطرة على مقدراته وإمكاناته، وما القضية الجنوبية المطروحة حاليا إلا احد نتائج ذلك الداء القاتل، الذي وجد شعب الجنوب نفسه بسببه تائها في باب اليمن بدون دولة ولا وطن ولا هوية ولا كرامة، لذلك فإن معالجة أو حل تلك القضية متوقف ــ بتقديري ــ على القضاء على ذلك الداء وتداعياته السابقة والراهنة، فحل أية قضية حلا سليما يتطلب أن يشمل ذلك الحل معالجة أسبابها وأية معالجة للمشكلة دون أسبابها هو من قبيل العبث الذي لا يمكن أن يفضي إلى حل حقيقي لتلك المشكلة، بل قد يزيدها تعقيدا، فطالما وأسبابها قائمة فسوف تعيد إنتاجها وإنتاج مشكلات أخرى أسوأ بكثير منها، خصوصا أن حقائق الواقع الجنوبي وأحداثه الراهنة تؤكد بكل أسف أن الداء القديم ــ الثقافة والسلوك الاقصائيين ــ مازالا قائمين حتى اللحظة، يعاد إنتاجهما تحت مبررات وتسميات وشعارات ثورية ووطنية تدغدغ آمال وطموحات عامة الشعب، لتضفي عليهما شرعية ومشروعية زائفة بعيدة عن إرادة وأهداف الشعب الحقيقة، والمؤسف حقا أن الجميع بدون استثناء يمارس هذه الثقافة والسلوك الاقصائين، بوعي أو بدون وعي بحسن نية أو بسوء نية، فالكل يدعي تمثيله لمصلحة الشعب العليا وحرصه عليها، وهنأ يكمن الخلل الذي عليكم ــ بتقديري ــ مراجعته في هذا الشهر الكريم ووضع الحلول لمعالجته من خلال إعادة الاعتبار للإرادة الشعبية في تقرير مصيرها ووضع المعالجات والتسويات لقضاياها المصيرية التي لا يملك احد (فرد أو جماعة) تمثيلها في ذلك، إلا وفقا لتفويض شرعي صحيح، لذلك ولأن احد أسباب الخلاف بينكم حاليا ينصب حول الممثل الشرعي للقضية الجنوبية بعد أن فشلتم كهيئات وأفراد في التوافق على إيجاد حامل سياسي أو ممثل شرعي أو مفهوم محدد للقضية الجنوبية وطبيعة حلها، بل وادعى كل منكم تمثيله وحرصه على انتصار تلك القضية وإنكاره شرعية غيره من أشخاص ومكونات...الخ، لكل ذلك وغيره الكثير؛ فقد رأيت بدافع من المسؤولية الوطنية والأخلاقية، أعانتكم على اقتراح حل شامل لمشكلات الجنوب وتداعياتها الراهنة، وبعد طول تأمل في الأحداث والمواقف السابقة والراهنة من قضية الجنوب، فقد هداني تفكيري إلى أن مبدأ التصالح والتسامح الجنوبي الذي أطلق منذ أربع سنوات هو المدخل الحقيقي والآمن لمعالجة مشكلات الجنوب وحل إشكالية الخلاف حول آلية حلها، وذلك بعد أن وجدت أن مفاهيم ودلالات ومضامين هذا المبدأ تستوعب تحويله ــ فعلا ــ إلى مشروع تسوية تاريخية لمعالجة مشكلات الجنوب الماضية والحاضرة دون استثناء بما فيها القضية الجنوبية المؤسسة على فشل وحدة 22مايو1990م وتحولها إلى ضم وإلحاق واحتلال للجنوب من الشمال في7يوليو1994م.. آبائي وإخواني الأعزاء: أعلم وأنا أكتب رسالتي هذه إليكم، بأن هناك سيلا من الرسائل والنداءات اليومية توجه إليكم عبر وسائل الإعلام المختلفة، بشأن توحيد موقفكم من القضية الجنوبية، ولم نلحظ لتلك الرسائل والنداءات والتوسلات أي صدى أو تجاوب، بل نلاحظ العكس من ذلك، ولكني احسب أن رسالتي هذه تختلف عن غيرها، من حيث أنها لا تتضمن ترجي أو توسل أو استعطاف لكم، ولكني حاولت حسب إمكانياتي العلمية والعملية المتواضعة، أن اقرنها بمقترح لمعالجة مشكلات الجنوب بشكل عام وحل إشكالية الخلاف فيما بينكم حول طبيعة تلك المعالجة، وقد اخترت أن أضع هذا المقترح بين أيديكم وأيدي عقلاء وحكماء الجنوب لدراسته في هذا الشهر الكريم الذي أحاطه الحق تبارك وتعالى بكل أسباب الهداية والعناية والقبول الإلهي، فتأملوا ــ شملكم الله برعايته وهدايته ــ في رسالتي ومقترحي هذا، بنوايا صادقة وخالصة لوجه الله الكريم أولا ومصلحة شعبكم ثانيا، وأنا على ثقة بأن الحق تبارك وتعالى سينير بصيرتكم، ليس للقبول بمقترحي، وإنما لإيجاد مخرج وتسوية لقضية شعبكم، الذي يرزح تحت وطأت الظلم والاستبداد، وأقصى ما أتمناه من الله في هذه الليالي المباركة هو أن يجعل مقترحي هذا سببا في قرع مسامعكم وعقولكم للالتفات إلى احد مداخل أو أبواب حل القضية الجنوبية التي ربما زاغت عنها الأبصار وتاهت العقول عنها.. واليكم مقترحي المكون من مقدمة ومحورين وخاتمة، أتمنى القراءة الهادئة الناقدة للفكرة الأساسية قبل التفاصيل ... مقدمة: من وسط ظلام الاستبداد والمعاناة والشعور بالمهانة والإذلال، استفاق الجنوبيون ليتلمسوا مسالك فجر الحرية المسلوبة منهم، وفي لحظة تجلي وسمو روحي وإنساني ورعاية وهداية ربانيتين، أدركوا بأنه لولا أن قلوبهم شتى والشقاق حالٍ بينهم، لما استحكم فيهم استبداد طاغية صنعاء، ولما كان معرفة العلة يفضي إلى معرفة علاجها، فقد أدرك الجنوبيون بأنه لا سبيل لبلوغ فجر الحرية واستعادة الكرامة إلا بإصلاح ذات بينهم من خلال رأب التصدعات التي أحدثتها صراعات وأخطاء ماضيهم في الجسد الجنوبي تطبيقا للقانون الإلهي في التغيير القائل: "ذلك بأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، فالتقط ثلة من عقلاء الجنوب هذا الإلهام والتوجيه الرباني وتداعوا فيما بينهم للقاء التصالح والتسامح الذي انطلق من مقر جمعية ردفان بالعاصمة عدن ليعم بعدها جميع مناطق الجنوب، وكأي فكرة في مهدها الأول فإن مبدأ التصالح والتسامح المعلن عنه حينها اتخذ مفهوما نظريا بسيطا غير مؤصل ولا موثق تمثل في : " طي صفحة أخطاء وخصومات الماضي ونسيانهما " ، إلا أن طغيان نظام صنعاء الذي كان قد بلغ مبلغا عظيما بحق شعب الجنوب، قد جعل غالبية هذا الشعب ــ وهو محق في ذلك ــ يرى في ذلك المبدأ الوليد، شعاع النور الذي ينير له درب الخلاص من ذلك الطغيان، فالتف حول هذا المبدأ وتفاعل معه بصورة فاقة التوقعات واتخذ منه أساسا فكريا وأخلاقيا ووطنيا للانطلاق بثورته السلمية التي أطلق عليها الحراك السلمي الجنوبي، فتتالت أحداث وسنوات تلك الثورة وبقي مبدأ التصالح والتسامح الجنوبي بصيغته الأولى التي خرج بها إلى الوجود أول مرة، لم يطرأ على مفهومه أو موضوعه أي تعديل أو توضيح أو توثيق له، عدا القسم الجنوبي الشهير الذي أطلقه الأستاذ / أحمد عمر بن فريد في مهرجان ردفان أكتوبر 2008م والذي يعد امتدادا وترجمة لذلك المبدأ الذي كان ومازال الأساس الذي انطلقت من مضامينه الإنسانية والوطنية الثورة السلمية لتحرير الجنوب، كما أنه ــ بنظري ــ يعد الأساس لانتصار تلك الثورة، إلا أن أحداث وتطورات الحراك الجنوبي الماضية وما أفرزته من تباينات وما واجهته من معوقات وإرباكات، أكدت بما لا يدع مجالا للشك، قصور مفهوم ذلك المبدأ، مما يجعله بحاجة ضرورية وماسة لإعادة صياغة مفهومه وتأصيله وتحديد نطاقه بما يتوافق ومضامينه الإنسانية والوطنية وذلك من خلال تحويله من مجرد شعار إلى مشروع تسوية وطنية ومعالجة واقعية وحقيقية لكافة مشكلات وأخطاء المراحل التاريخية السابقة والراهنة التي عاشها ويعيشها الجنوب وإنهاء كافة الخصومات بشأنها بما يمكن الجنوب من النهوض لاستعادة أرضه ودولته من الاحتلال اليمني المتخلف وإرساء دعائم مستقبل مشرق لأجياله، وهذا هو هدف موضوعي هذا الذي أتمنى أن يحضا بنقاش جاد حول ما تضمنه من أفكار ومقترحات تناولتها في ثلاثة محاور رئيسية، وقبل أن ابدأ في محاور الموضوع (المقترح) أود أن أشير إلى أبرز المقومات والمبررات والدوافع لطرح هذا الموضوع: 1) إن المتأمل في أحداث تاريخ الجنوب، سيجد بأن الجنوبيين قد عجزوا عن حل أي من مشكلاتهم وقضاياهم الوطنية منذ نشوء الحركة الوطنية في خمسينيات وستينيات القرن الماضي وحتى اليوم، كما سيجد أن تلك المشكلات مترابطة ومتداخلة، هذا الترابط برز كحقيقة واقعة لا لبس فيها، عند محاولة وضع الحلول والمعالجات لأيٍ من تلك القضايا بمعزل عن غيرها، حيث تبرز المشكلات الأخرى كمعوقات أمام نجاح تلك الحلول مما يؤدي إلى فشلها، الأمر الذي يقتضي أمام هذه الحقيقة الواقعية الملموسة، إدراك مسألتين هامتين بشأن معالجة أيٍ من قضايا الجنوب الراهنة هما: المسألة الأولى: إن هناك عاملا مشتركا كان حاضرا عند تشكل ونشوء مشكلات الجنوب أو مقدماتها، وغائبا عند وضع الحلول لها، وبطبيعة الحال فإن قواعد التحليل العلمي والمنطقي لأحداث تاريخ الأمم والشعوب المؤسس على قانون السببية (المقدمات والنتائج، السبب والمسبب، العلة والنتيجة) تشير إلى أنه لا يمكن لعامل واحد أن يكون سببا مباشرا أو غير مباشر في إنتاج جميع المشكلات الوطنية التي يعاني منها شعب من الشعوب، إلا متى كان ذلك العامل متعلقا بإحدى المقومات الرئيسية المكونة لهوية ذلك الشعب بوصفها مجموعة القيم الحضارية بأبعادها الثقافية والعقائدية والأخلاقية والتاريخية والجغرافية التي تشكَّل وتتطور في ظلها وعي وفكر وسلوك مواطني ذلك الشعب، وعلية؛ لو عدنا للتفتيش بهدوء وتجرد وحيادية في ثنايا وتداعيات ومقدمات قضايا الجنوب السابقة والراهنة، لوجدنا ــ فعلا ــ بأن هناك عاملا كان حاضرا بقوة عند نشوء تلك المشكلات، هو الفكر الشمولي الاقصائي الذي تأصل كثقافة وسلوك فردي وجمعي لدى فصائل الحركة الوطنية الجنوبية، حيث مارس كل منها تلك الثقافة والسلوك كل من موقعة وموقفه مع الآخر المختلف معه داخل التنظيم أو خارجه، وقد ظهر وبرز هذا الداء الخطير بصورة أكثر حدة وبشاعة لدى التنظيمات التي تمكنت من حكم الجنوب عقب الاستقلال 1967م, والأسوأ من ذلك، أن هذا الداء تغلغل وتعمق ليصل إلى إقصاء الإرادة الشعبية من المشاركة في إدارة شؤونها وصنع حاضرها وتحديد ملامح وهوية دولتها ونظامها السياسي، بل وصل الأمر إلى إقصاء التاريخ والهوية والجغرافيا الجنوبية التي تعد وفقا لقانون تطور الأمم والشعوب مرتكزات ومقومات صنع حاضر ومستقبل تلك الأمم والشعوب، ذلك أن بناء الحاضر يتخذ مسارين لا ثالث لهما، احدهما الاستفادة من أخطاء الماضي ومعالجتها، وثانيهما تعزيز وتطوير ايجابياته والبناء عليها، إلا أن الذي حصل في الجنوب كان بخلاف نواميس تطور الأمم والشعوب، فقد أقصى الجنوبيون بعضهم بعضا, وأقصوا شعبهم من صنع حاضره ومستقبله وعزلوه عن تاريخه وهويته، فقاد مسلسل الإقصاء هذا إلى صراعات اقصائية اتخذت طابعا دمويا كما أنتج مشكلات لا حصر لها، تعاقبت وتراكمت وفقا لتسلسل منطقي (مقدمات ونتائج) حتى وصلت بالجنوب إلى وضعه المأساوي الراهن الذي برز فيه ما عرف بالقضية الجنوبية المؤسسة على فشل وحدة22 مايو 1990م وتحولها إلى ضم واحتلال مباشر للجنوب من قبل نظام صنعاء في 7/7/1994م.. المسألة الثانية: إن الترابط الوثيق بين أسباب نشأت وتراكم مشكلات الجنوب، قد اثبت نظريا وعمليا، أنه لا يمكن حل أو معالجة أي من تلك المشكلات بمعزل عن غيرها، فوحدت السبب استلزم وحدة المعالجة، كما استلزم شمول المعالجة للأسباب والنتائج معا، فلا يكفي معالجة أثار وتداعيات تلك المشكلات، بل لابد من معالجة أسبابها التي كانت سبب وجودها.. وعليه؛ وترتيبا على هاتين المسالتين أو الحقيقتين الهامتين، فإن نجاح إيجاد حل سليم ومقبول للقضية الجنوبية المطروحة حاليا، مرهون ــ بنظري ــ على إيجاد تسوية تاريخية لكافة مشكلات الجنوب السابقة التي شكلت احد مقدمات نشوء القضية الجنوبية، بل أن الوقائع الراهنة أثبتت عجز وتعثر أطروحات الحلول المقدمة أو المقترحة حاليا من جميع الأطراف لهذه القضية، ليس لأن هذه الحلول أو المقترحات غير صائبة، بل لأنها من جانب قدمت بمعزل عن مشكلات الجنوب السابقة، ومن جانب آخر أن الداء المزمن المتمثل في الثقافة والسلوك الاقصائين، كان حاضرا عند إعداد وطرح تلك الحلول، فلم تكن حصيلة جهد واجتهادات جماعية أو مشاركة مجتمعية، بل حصيلة جهد واجتهادات فردية أو نخبوية في غرف مغلقة، بعيدا عن علم ومشاركة شعبية أو مؤسسية صحيحة، لذلك فإن هذه الأخطاء وغيرها كانت من أهم دوافع ومبررات ومقومات طرح مقترحي هذا.. 2) أثبتت وقائع وأحداث الأربع سنوات الماضية من عمر الحراك الجنوبي، بأن مبدأ التصالح والتسامح مثل الأساس الفكري والوطني الذي أشعل روح المقاومة والتضحية لدى الجنوبيين لأجل الخلاص من استبداد واحتلال نظام صنعاء للجنوب، كما أثبتت تلك الوقائع والأحداث أن ما اعترى الحراك من معوقات واختلالات وعدم انسجام فيما بين هيئاته، كان من أسبابه عدم وضوح مفهوم ومضمون التصالح والتسامح المعلن عنه، وتحوله بسبب ذلك إلى مجرد شعار يفتقر لصفة الإلزام فيه مما جعل غاياته النبيلة محل شك وتشكيك من أطراف عدة، فصار لزاما ــ لأجل انتصار الثورة الجنوبية ــ إعادة صياغة هذا المبدأ بما ينسجم ومضامينه الوطنية وغاياته الإنسانية، وهذا هو احد أهداف مقترحي هذا.. 3) أثبتت أحداث العشرين سنة الماضية، أن نتائج أخطاء ومشكلات المراحل التاريخية السابقة للجنوب التي لازالت قائمة حتى اليوم بدون معالجة، مثلت الحلقة الأضعف في الجسد الجنوبي التي استطاع الولوج من خلالها نظام صنعاء للسيطرة على الجنوب ومقدراته، ومشاهد الواقع اليوم تؤكد ــ أيضا ــ بأن نظام صنعاء قد فقد كل مبرراته القانونية والأخلاقية والتاريخية لاستمرار سيطرته على الجنوب، ولم يتبق لديه إلا ورقة مشكلات الماضي الجنوبي وخصوماته، يستثمرها داخليا وخارجيا لتغطية عدم مشروعية سيطرته على الجنوب، كما أن مشاهد الواقع الراهنة تشير إلى أن نظام صنعاء ومعارضته (أحزاب المشترك) يسعون ويخططون لوأد القضية الجنوبية عن طريق اللعب بورقة خصومات الماضي الجنوبي، ومن بوادر ذلك؛ محاولة لجنة حميد الأحمر للحوار، جر بعض القيادات التاريخية الجنوبية للإنظمام إليها تحت مبرر إعادة الاعتبار للجنوب ورموزه ومنح الرئاسة لأحد تلك الرموز، ومن بوادر ذلك أيضا محاولة النظام منح بعض أصحاب رؤوس الأموال الجنوبيين بعض الامتيازات والتسهيلات والاستثمارات ومحاولته الحثيثة لكسب ود عدد كبير من الشخصيات الجنوبية في الداخل والخارج، والأخطر من كل ذلك ما بدأ تتضح معالمه من حلول للقضية الجنوبية يخطط لها النظام وأحزاب المشترك تتضمن تلك الحلول معالجات مرحلية هشة لبعض مشكلات الماضي الجنوبي، كمشكلة التأميم والأراضي والوظائف... الخ، ونعلم جميعا أن كل ذلك لن يحل القضية الجنوبية ولن يمنح مشروعية لسيطرة نظام صنعاء على الجنوب، ولكن من شأن ذلك في ظل عدم وجود مصالحة جنوبية حقيقة ، أن يميع القضية الجنوبية ويرحل حلها لسنوات قادمة، لذلك فلابد من تدارك ذلك عن طريق سد تلك الثغرة في الجسد الجنوبي وتقوية تلك الحلقة الضعيفة فيه، من خلال تحويل مبدأ التصالح والتسامح الجنوبي إلى مشروع تسوية وطنية تاريخية لمشكلات الماضي والحاضر وإرساء دعائم مستقبل آمن ومستقر للأجيال الجنوبية القادمة، لكل ذلك وغيرها من الدوافع والمبررات التي سيلمح القارئ الفطن بعضا منها في طيات عبارات موضوعي المتفرقة، ارتأيت طرح مقترحي هذا بما تضمنه من أفكار، حسب التقسيم الآتي: أولا: مفهوم التصالح والتسامح: 1)تقييم المفاهيم السائدة: المعلوم أن الصلح أو التصالح هو إحدى وسائل معالجة وتسوية القضايا الخاصة أو العامة وحسم النزاع والخصومة بشأنها، لذلك يعرف التصالح بالمفهوم الفقهي بأنه؛ عقد تتوافق فيه إرادة طرفيه على حسم النزاع في مشكلة قائمة بينهما أو يتوقيان فيه نزاعا محتملا في المستقبل، وذلك بأن يتنازل كل طرف عن بعض ادعاءاته قبل الآخر وصولا إلى حل للمشكلة يرضي الطرفين.. وعليه؛ لو تأملنا في المفهوم السائد للتصالح التسامح الجنوبي، لوجدنا أنه يتألف من لفظين هما" تصالح وتسامح" ولكل لفظ مدلوله اللفظي والاصطلاحي الخاص به، ولا يوجد ــ حسب علمي واطلاعي ــ مفهوم أو صيغة واضحان ومحددان لهذين اللفظين، وإنما هناك مفهوم شائع لهما درجت عليه الألسن في الخطب والبيانات السياسية هو: "طي صفحة أخطاء وخصومات الماضي ونسيانهما" والحقيقة أن هذه الصيغة لا يمكن اعتبارها مفهوما لمدلول التصالح والتسامح الجنوبي، وإنما هي بيان لأحد أهدافه وغاياته، وهناك فرق بين هدف الشيء ومفهومه الذي يجب أن ينصب حول تحديد ماهيته من خلال بيان عناصره الدالة على ذاته المميزة له عما سواه من مفاهيم ومصطلحات، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن الصيغة السالفة الذكر قد اختزلت مفهوم التصالح والتسامح في مسألة تجاوز ونسيان أخطاء الصراعات السياسية السابقة وما أنتجته من خصومات ومآسٍ على شعب الجنوب، وقد أثبتت الأحداث والتطورات التي تلت ملتقيات التصالح والتسامح عدم دقة هذا الطرح أو على الأقل قصوره، ذلك أنه ليس منطقيا ولا مقبولا أن من أممت وصودرت أمواله وممتلكاته وتشرد بعد ذلك هو وعائلته في أقطار الأرض للبحث عن وطن يستقر به ويستأنف فيه تجارته من جديد ــ ومنهم من توفق ومنهم من انهارت كل آماله ومجهود سني عمره السابقة ــ ، يقال له ــ نظريا ــ بأنه يجب عليه أن ينسى تلك المآسي وان ينظم إلى الحراك الجنوبي لأجل بناء وطنٍ خالٍ من تلك الأخطاء ، كما أنه ليس منطقيا ولا مقبولا أن يقال لأفراد الأسرة التي فقدت عائلها أو مسكنها في إحدى الصراعات السابقة وعانت بعد ذلك حياة البؤس والتشرد والفقر والعوز وعدم الاستقرار وربما لا زالت تعاني من ذلك حتى الآن، يقال لهم بأن عليهم نسيان كل ذلك ومسامحة من تسبب في ذلك شخصا كان أو جماعة... فضلا عن كل ذلك، فإن فكرة طي صفحة الماضي ونسيان مآسيه هي في الأساس فكرة عاطفية تجافي منطق تطور حياة الإنسان وطبيعة تكوينه المادي والنفسي، فحقائق الواقع وأحداث التاريخ يستحيل طيها أو محوها من ذاكرة الأمم والشعوب والأفراد خصوصا من عاصرها أو عانى من تداعياتها ونتائجها، وإنما يمكن معالجة تلك النتائج وحسم النزاع بشأنها بصورة توافقية مرضية للجميع، وحينها يمكن يقال بطي خصومات الماضي وليس نسيان الماضي فشتان بين الطرحين، ذلك أن الماضي بكل ايجابياته وسلبياته هو تاريخ الأمم والشعوب وذاكرتها التي تؤسس عليها مستقبلها، لذلك فلا تسامح بدون تصالح الذي هو تسوية ومعالجة المشكلات السابقة، أي أن التسامح هو حصيلة للمعالجة (التصالح)، لأجل ذلك نلاحظ ــ مثلا ــ بأن هناك في الوقت الراهن دول ومنظمات عدة تطالب بتعويضات لضحايا حروب مرَّ عليها عشرات السنين وأكثر ، ليس لأن أسر تلك الضحايا محتاجة فعلا للتعويض أو تطالب به، بل لأن في دفعه اعترافا بوقوع خطأ على ابناء تلك الأسر وفي نفس الوقت تعبير عن حسن النوايا في فتح صفحة جديدة للتعايش المشترك، وبالفعل الملاحظ اليوم على أحوال الجنوبيين، بأنهم لم تعد أخطاء الماضي هي المشكلة بالنسبة لهم ولكن الخوف من تكرار تلك الأخطاء، وهكذا في جميع المشكلات الوطنية أو الجماعية، فلا يمكن أن تتم مصالحة أو مسامحة دون معالجة لتلك المشكلات بما يؤكد حسن النوايا وصدقها في طي صفحة خلافات الماضي وفتح صفحة تعايش وتعامل جديدة، لذلك فأي قول أو طرح بالمصالحة دون تضمنها معالجة، يبقى طرحا قاصرا ولا يمكن له أن يفضي إلى حل للمشكلة محل التصالح. 2)المفهوم المقترح لمبدأ التصالح والتسامح: ترتيبا على ما سبق فإن مبدأ التصالح والتسامح يجب ــ بنظري ــ أن يعاد صياغة مفهومه بما يتوافق ومدلول ألفاظه لغة واصطلاحا وبما ينسجم والغايات والمضامين الإنسانية والوطنية التي وضع لأجلها، وذلك بحيث يصير مفهومه على أنه: " مشروع تسوية وطنية توافقية لمعالجة أسباب وآثار مشكلات وأخطاء المراحل التاريخية السابقة للجنوب، وإنهاء جميع الخصومات بشأنها، بموجب وثيقة إجماع وطني ملزمة لجميع الجنوبيين " وبذلك يكون هذا المفهوم متطابقا مع المدلول اللغوي والاصطلاحي للفظي "التصالح والتسامح"، ومتطابقا مع مضامينه العقائدية والوطنية والإنسانية، بحيث يكون هناك ترابط منطقي فيما بين دلالة مفهومي التصالح والتسامح، فالتصالح هو توافق إرادات الجنوبيين على تسوية ومعالجة آثار ونتائج الصراعات والأخطاء السابقة، ثم يليه ــ كنتيجة له ــ التسامح المتمثل في إنهاء جميع الخصومات والفتن المترتبة عن نتائج تلك الأخطاء وطي صفحتها بعد إقرار شروط وبنود معالجتها وآلية تنفيذها بوثيقة إجماع وطني ملزم تطبيقها وتنفيذها من جميع الجنوبيين ودولتهم القادمة، وبذلك يتحول مبدأ التصالح والتسامح إلى مشروع وطني حقيقي لاستعادة الدولة والهوية الجنوبية وإرساء دعائم مستقبل مشرق للأجيال الجنوبية خالٍ من أحقاد وخصومات الماضي هذا من جانب ومن جانب آخر، فإن مشروع التصالح والتسامح يكون قد حقق هدفين هامين إلى جانب هدفه الاستراتيجي السالف ذكره، أولهما أنه جبر الأضرار التي مست بصورة مباشرة أو غير مباشرة بعض فئات الشعب الجنوبي بما يمكنها من طي خصومات الماضي بشأنها، وثانيهما أنه طمأن النفوس وأزال ما أحاط بها من شك حول جدية وصدق النوايا في إصلاح ما خربته وشوهته تداعيات أحداث الماضي، ذلك أنه لا يمكن تصور وجود مسامحة دون معالجة للنتائج الكارثية لتلك الأخطاء التي لازالت قائمة حتى اليوم يتجرع ويلاتها قطاع كبير من الجنوبيين بل وشعب الجنوب كاملا.. وعليه وترتيبا على ما سبق، فإن المفهوم السابق، يكون قد بلور أهداف التصالح والتسامح في هدفين هما: ــ معالجة أسباب وآثار المشكلات السابقة ــ إنهاء الخصومة والشقاق بشأن تلك المشكلات ، وتحقيق هذين الهدفين، سيؤدي إلى تحقيق هدف أسمى هو استعادة الهوية والدولة والكرامة والعزة الجنوبية وإرساء دعائم مستقبل آمن ومستقر للأجيال.. ثانيا: مفترضات مبدأ التصالح والتسامح : لفظا التصالح والتسامح يفترضان عند إطلاقهما وجود المسائل التالية: ــ وجود مشكلة أو عدة مشاكل قائمة أو محتملة الحدوث مستقبلا تدور مساعي التصالح حول حلها أو توقي حدوثها. ــ وجود توافق على حل تلك المشكلة صلحا ــ وجود مقترحات لحل تلك المشكلة ــ توافق إرادات الأطراف على قبول تلك المقترحات لحل المشكلة وإنهاء الخصومة بشأنها.. هذه هي مفترضات ومقومات أي تصالح سواء على صعيد القضايا الخاصة أو العامة، فما هي إذن تلك المفترضات بالنسبة للتصالح والتسامح الجنوبي ؟ هذا ما سأحاول تناوله في النقاط التالية: أ) المفترض الأول: موضوع التصالح والتسامح الجنوبي(نطاقه): يتبادر إلى الذهن عند سماع شعار التصالح والتسامح المطروح في الوقت الراهن، أن نطاق ذلك الشعار يقتصر على من تضرر من ضحايا الصراعات الدموية الماضية، بينما حقيقة أخطاء ومشكلات الماضي أنها لا تقتصر على الصراعات الدموية وحسب بل شملت مجالات عدة يمكن تصنيفها على النحو التالي : 1)في مجال الحرية الاقتصاد والملكية الخاصة، برزت مشكلات تأميم الملكية التجارية ومصادرة الملكية الخاصة والحد منها.. 2)في مجال الحرية السياسية وأسلوب ادراة الحكم، تم حضر جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية وتشريد قياداتها خارج الوطن، ثم تلا ذلك صراعات دموية أودت بحيات الآلاف ..الخ 3)في مجال الحرية الدينية تم الحد منها والتنكيل برموزها وإغلاق المدارس والمعاهد الدينية وإغفال مسائل الدين والشريعة في مناهج التعليم والتشريعات. 4)القضية الجنوبية التي تمثل قضية شعب الجنوب المحورية في الوقت الراهن، المؤسسة على فشل وحدة 22مايو90م، التي تحولت إلى ضم وإلحاق واحتلال مباشر للجنوب من قبل الجمهورية العربية اليمنية في 7يوليو94م، وكان من نتائج هذا الاحتلال، نهب واستيلاء على الممتلكات العامة والخاصة، وحرمان وإقصاء للجنوبيين من الوظيفة العامة وحقوقها..الخ هذه هي ابرز مشكلات وأخطاء المراحل التاريخية السابقة التي يجب أن تكون ــ برأيي ــ محلا للتصالح والتسامح الجنوبي. ب) المفترض الثاني: توافق إرادة الجنوبيين على تسوية ومعالجة أسباب وآثار مشكلات الماضي: الأمر المؤكد أن الجنوبيين بمختلف انتماءاتهم السياسية والفكرية، مجمعون ــ نظريا ــ على ضرورة معالجة مشكلات الماضي، بيد أن الأفكار العظيمة، تبقى أمنيات عزيزة تختلج بها النفوس وتتوق إليها الأفئدة مجردة عن أية قيمة أو فائدة عملية ملموسة، ما لم تخرج من نطاق الأمنيات والتصورات الذهنية والعبارات الحالمة إلى سلوك ووقائع تترجم على الواقع، وهذا هو حال التصالح والتسامح الجنوبي، فلا زال في طور التمنيات والحديث النظري ينتظر من يتولى تحويله إلى سلوك وممارسة واقعية، محسوس فعلها ونتائجها، لذلك ولأن أمنيات الشعوب وتطلعاتها يتم تحقيقها ونيلها عن طريق هيئات ومؤسسات تمثل تلك الشعوب، فإن أمنية شعب الجنوب بالخلاص من نتائج مشكلات الماضي والتصالح والتسامح بشأنها، ستظل حبيسة النفوس التواقة إليها وحبيسة العبارات الحالمة، ما لم تتولى نخبة من حكماء وعقلاء ذلك الشعب، ترجمة إرادة شعبهم لبلوغ ذلك الحلم والانجاز التاريخي المصيري، لأجل ذلك اقترح على حكماء ورموز الجنوب وعقلائه، استجابة لإرادة شعبهم أولا، والتزاما بواجبهم الوطني والأخلاقي ثانيا، العمل على تحقيق الأتي: ــ تشكيل هيئة وطنية عليا للتصالح والتسامح الجنوبي ومعالجة آثار وأسباب مشكلات الماضي وإنهاء الخصومات بشأنها، وذلك من خلال اتخاذ الإجراءات التالية: 1ــ يتولى الرؤساء الثلاثة البيض وناصر والعطاس، عقد لقاء تشاور بينهم، يتم خلاله وضع خطة لإجراء لقاءات تشاوريه مع مختلف الشخصيات والمكونات السياسية والاجتماعية والثقافية والعلمية والتجارية الجنوبية في الداخل والخارج، يفضي ذلك التشاور إلى تشكيل لجنة تحضيرية لعقد مؤتمر عام للتصالح والتسامح الجنوبي، يعلن عنها ببيان صادر عن الرؤساء الثلاثة ورؤساء هيئات الحراك وأحد السلاطين السابقين أو أحد ابناءهم وأحد التجار الكبار ممن أممت ممتلكاتهم وأحد المشائخ الكبار..الخ وتتكون تلك اللجنة من ذوي الكفاءات العلمية والعملية من مختلف مكونات وفئات شعب الجنوب، تتولى حسب الترتيب انجاز المهام التالية: ــ تتولى اللجنة التحضيرية العليا في أول اجتماع لها عقب تشكيلها، تعيين رئيس لها ونائب ومقرر، وتشكيل لجانها المتخصصة ورؤساءها ووضع جدول زمني لانجاز مهامها الآتي ذكرها، بحيث يكون شهران لإعداد الوثائق وشهر لتشكيل الفروع وشهر لإنزال الوثائق للنقاش وشهران لعقد المؤتمرات الجزئية والفرعية والرئيسية وشهر لعقد المؤتمر العام. ــ إعداد مشروع ميثاق تصالح وتسامح يتضمن بيان مفهوم التصالح والتسامح ونطاقه والمبادئ والمعايير العامة في معالجة المشكلات محل التصالح والتسامح والحلول المقترحة لحلها وآلية وإجراءات تنفيذها بما في ذلك القضية الجنوبية...الخ ــ إعداد مشروع النظام الداخلي (اللائحة التنظيمية) للهيئة الوطنية العليا للتصالح والتسامح، يبين فيه كيفية تشكيلها وعدد دوائرها واللجان التابعة لها ومهام واختصاصات كل منها..الخ ــ إعداد مشروع برنامج عمل اللجنة العليا للتصالح والتسامح خلال المرحلة بين تشكيلها وحتى استعادة الدولة الجنوبية، يوضح فيه؛ مهام وواجبات تلك المرحلة وجداولها الزمنية.. ــ عقب استكمال إعداد مشاريع الوثائق السابقة، تقوم اللجنة التحضيرية بتشكيل فروع لها في المحافظات والمديريات والخارج، وإنزال مشاريع الوثائق وعقد الندوات للنقاش، والتواصل مع جميع التيارات السياسية والفكرية والشخصيات الجنوبية بمختلف انتماءاتهم ودعوتهم للمساهمة في مؤتمرات التصالح والتسامح وإبداء ملاحظاتهم حول مشاريع الوثائق السالفة البيان خلال المدة الزمنية المحددة لذلك. ــ تتولى اللجنة التحضيرية العليا واللجان الفرعية، الإعداد والتحضير، لعقد مؤتمرات التصالح والتسامح الجزئية على مستوى المناطق والفرعية على مستوى المديريات والرئيسية على مستوى المحافظات، تتولى هذه المؤتمرات مناقشة مشاريع الوثائق المعدة من اللجنة التحضيرية العليا وتقديم الملاحظات بشأنها وتشكيل فروع هيئات التصالح والتسامح واختيار المندوبين للمؤتمر الأعلى درجة، كما تتولى المؤتمرات الرئيسية بالمحافظات وما يقابلها في الخارج، انتخاب ممثل كل محافظة في الهيئة الوطنية العليا للتصالح والتسامح طبقا للإجراءات والمواعيد الزمنية المحددة بمشروع النظام الداخلي للهيئة العليا للتصالح والتسامح. ــ عقب استكمال انعقاد مؤتمرات المحافظات، تتولى اللجنة التحضيرية العليا الإعداد والتحضير لانعقاد المؤتمر العام الجنوبي للتصالح والتسامح حسب موعده الزمني المحدد سلفا، وذلك ليتولى إقرار مشاريع الوثائق وانتخاب بقية أعضاء الهيئة الوطنية العليا للتصالح والتسامح.والذي اقترح أن تتألف من جميع الشرائح الاجتماعية والسياسية الجنوبية خصوصا ذات الصلة بالمشكلات السابقة، وذلك على النحو التالي: ــ أحد السلاطين السابقين أو احد ابنائهم . ــ أحد كبار مشائخ الجنوب السابقين ــ أحد كبار تجار الجنوب السابقين ممن أممت ممتلكاتهم ــ أحد ابناء الأسر العدنية العريقة ــ أحد كبار علماء الجنوب أو أكثر من واحد ــ أحد قيادات جبهة التحرير سابقا ــ أحد قيادات الجبهة القومية سابقا ــ أحد قيادات رابطة ابناء الجنوب ــ ثلاثة أو أكثر من ابناء القيادات الجنوبية التي استشهدت أو أقصيت خلال الصراعات التي أعقبت الاستقلال ــ ثلاث شخصيات قيادية ممن تولوا مناصب عليا في الحزب الاشتراكي ودولة ما بعد الاستقلال ــ امرأتان ــ احد الشخصيات الوطنية المستقلة ــ شخصية قانونية بمؤهل عالٍ (دكتوراه) ــ أحد كبار الشخصيات الأدبية أو العلمية الجنوبية. ــ ممثل عن كل هيئة من هيئات الحراك. ــ ممثل عن كل محافظة تنتخبهم مؤتمرات التصالح بالمحافظات كما سبق بيانه. 2ــ تعد الهيئة الوطنية العليا وفروعها المرجعية في حل أية مشكلات أو اختلافات سياسية تنشأ بين الجنوبيين أو هيئاتهم حتى استعادت الدولة.. ملحوظة: بشأن مهام الهيئة وتشكيلها ممكن وضع أفكار وتصورات كثيرة جداً.. ت) المفترض الثالث: مقترحات معالجة أسباب وآثار المشكلات محل التصالح: أي تصالح أو تسامح بشأن أخطاء ومشكلات الماضي لا يتضمن معالجة لأسبابها وإعادة الاعتبار للفئات والجهات المتضررة منها وتسوية أوضاعها، لا يمكن أن يكتب له النجاح ولا يعدو أن يكون إلا شعارا طوباويا ليس له مضمون واقعي حقيقي، كما أن أي تسوية لا تستند إلى مبادئ وقواعد ومعايير واضحة وعادلة، لن تفضي إلى معالجة حقيقية، بل قد تفضي إلى تعقيد المشكلات وتجدد النزاع فيها، لذلك أرى أن معالجة المشكلات الجنوبية محل التصالح والتسامح، يجب أن تستند إلى مبادئ الشريعة الإسلامية التي يعتنق دينها شعب الجنوب كاملا، والى مبادئ العدل والإنصاف التي اتفقت عليها الشرائع السماوية والوضعية، والى المعايير العامة في حل المشكلات التي استقر العمل بها في معظم التشريعات الوضعية السائدة في الوقت الراهن والتي منها على سبيل المثال لا الحصر الآتي: 1) مبدأ وجوب الإصلاح بين الناس وحسم النزاعات بينهم المأمور به شرعا بقول الحق تبارك وتعالى:" إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم " وقوله تعالى:"وتعانوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.." وقوله صلى الله عليه وسلم:"المؤمنون في توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى" ...الخ، وهذا المبدأ يعد إحدى مقاصد وغايات النصوص القرآنية التي تدور جميعها حول مقصد أعظم هو صلاح الإنسان وأحواله، لأداء رسالة استخلافه في عمران الأرض، ولا يتأتى ذلك إلا عن طريق مجتمع إسلامي متكافل ومتماسك تسوده روح المحبة والمودة والألفة، وهكذا فالتصالح والتسامح قيمة عقائدية ومطلب رباني قبل أن يكون مطلبا إنسانيا وأخلاقيا تفرضه ضرورة العيش في مجتمع إنساني واحد ومشترك. 2) مبدأ عصمة دماء المسلمين وأموالهم، فلا يهدر دم في الإسلام ولا تتقادم حقوق العباد في شريعته، لذلك ولأن ضحايا الصراعات السابقة، كان استشهادهم لأسباب أو لمواقف سياسية، فإنه يلزم وفقا للأحكام الشرعية على الدولة الجنوبية دفع ديات أولئك الضحايا لورثتهم فضلا عن تعويضهم، وذلك حتى لا يهدر دم في الإسلام، وكذلك تعويض من صودرت أموالهم وحقوقهم حتى لا يهدر حق معصوم في الإسلام.. 3) مبدأ الشورى في إدارة الحكم وحرية الاعتقاد والفكر والتعبير، المقررة بقول الحق تبارك وتعالى:"وشاورهم في الأمر.." وقوله تعالى:"وأمرهم شورى بينهم " وقوله تعالى:"وكرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا" وقوله تعالى:"لا أكراه في الدين .."...الخ، ولأن هذه المبادئ تتعلق بحقوق الإنسان الأساسية التي كفلتها جميع الشرائع السماوية والمواثيق الدولية السائدة في العصر الراهن التي حرمت المساس بها او الانتقاص منها او انتهاكها ورتبت على حصول مثل ذلك، استحقاق الواقع علية الانتهاك للتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية، بل وحصنت حقه في طلب التعويض من السقوط بالتقادم الزمني، وعليه ولأن هذا المبادئ والقيم قد تعرضت للتهميش والتغييب والانتقاص خلال المراحل التاريخية السابقة للجنوب، ونتج عن ذلك أضرار وتداعيات سلبية عامة بشعب الجنوب وخاصة ببعض فئاته ومواطنيه، فإنه يتعين معالجة تلك الأضرار والتداعيات العامة والخاصة، فبالنسبة لأضرارها العامة المتمثلة في إعاقة تطور وتقدم شعب الجنوب، يكون معالجتها من خلال اعادة الاعتبار لتلك المبادئ والقيم كمحدد وموجه عام في حياة الجنوبيين السياسية والاقتصادية والاجتماعية..الخ، وبالنسبة لمعالجة أضرارها الخاصة، فتكون من خلال تعويض من مسهم ضرر مادي أو معنوي خاص. 4) كما يلزم أن تستند معالجة أسباب وآثار المشكلات محل التصالح والتسامح الجنوبي إلى المعايير والقواعد الآتية: * القاعدة الفقيه القائلة بأن الشريعة الإسلامية مبنية على رعاية مصالح الناس ودفع الضرر عنهم، وأن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع عند التعارض، وعليه؛ فإنه متى تحقق أن أية معالجة مقترحة لحل مشكلة من المشكلات محل التصالح، سينتج عنها مفاسد وأضرار على الغير تفوق المنافع التي ستعود على المستهدف بالمعالجة، فإنه يلزم حينها العدول عن تلك المعالجة إلى غيرها، فإذا كانت المعالجة المقترحة ــ مثلا ــ أعادت العقار المؤمم أو المصادر الى مالكه،فإنه يلزم حينها استبدالها بالتعويض العادل والملائم، وتبعا لذلك تقاس بقية المعالجات.. * قاعدة وجوب التعويض عن الضرر المادي والمعنوي، طبقا لمعيار تقديره الذي يشمل ما فات المضرور من كسب وما لحقه من خسارة محققة، وعليه؛ فإن تعويض من صودر عقاره ــ مثلا ــ يجب أن يشمل عند تقديره قيمة العقار المصادر والفوائد والغلات التي كان سيحصل عليها المالك في حال بقي مستغلا للعقار من تاريخ المصادرة حتى تاريخ المعالجة، مع مراعاة ما تم بشأن ذلك من معالجات سابقة، وعلى هذا تقاس التعويضات في المشكلات الأخرى ضمانا لمعالجة عادلة على الجميع.. يتبع 2
__________________
|
#2
|
|||
|
|||
تابع 2
* قاعدة سد الذرائع التي هي احد مصادر الأحكام لدى علماء أصول الفقه الإسلامي، ذلك أن هناك مشكلات قد يصعب تقدير الضرر فيها، مع أن الضرر في مثل تلك المشكلات متصور طبقا لمجاري العادات والمألوف المعتاد بين الناس، فالأسرة التي فقدت ــ مثلا ــ عائلها أو احد أفرادها خلال الصراعات السابقة، لا شك أنه لحقها ضرر مادي أو معنوي جراء ذلك، ومثلها الأسرة التي صودر مسكنها أو شردت خارج الوطن ...الخ، إلا أن هذا الضرر يصعب ضبط مقداره وفقا للمعايير القانونية المعروفة بالنسبة لجميع تلك الأسر، لذلك ولأن غاية التصالح والتسامح الجنوبي، هي تسوية مشكلات الماضي بصورة توفيقية بما يؤدي إلى إزالة ما علق بالنفوس واختلج في الصدور وتراكم فيها من أحقاد وخصومات تعيق بناء مستقبل آمن ومشرق للأجيال الجنوبية، لذلك فإنه يقتضي تطبيقا لقاعدة سد الذرائع ــ بنظري ــ تقدير مبلغ مالي مناسب يمنح لكل فرد من ورثة ضحايا الصراعات السابقة، وذلك بما يضمن حسم مادة النزاع بشأنها مستقبلا. 5) يجب إتباع آلية معالجة صارمة وعادلة، تستند إلى دراسات علمية ميدانية تجريها لجان متخصصة في كل مشكلة من المشكلات محل التصالح والتسامح، تشكلها الهيئة العليا للتصالح والتسامح وتضم كفاءات علمية وعملية تتولى حصر ودراسة أسباب وآثار كل مشكلة واقتراحات معالجتها ...الخ 6) كانت هذه بعض المبادئ والقواعد العامة التي أرى ضرورة استناد معالجة المشكلات محل التصالح الجنوبي إليها، وهناك مبادئ وقواعد عديدة استقر العمل على اتخاذها أساسا لمعالجة المشكلات والقضايا الخاصة والعامة، لم اشر لها، لأن هدفي من الإشارة إلى بعض مبادئ وقواعد المعالجة هو من قبيل لفت النظر إلى الأسس التي يجب أن تبنى عليها معالجة المشكلات محل التصالح، حتى لا تتحول تلك المعالجة إلى مشكلة بدل أن تكون حلا أو حتى لا يتصور البعض أن فتح باب معالجة مشكلات الماضي يشكل أحياءا لخصومات الماضي والدخول في إشكالات جديدة قد تفوق المشكلات الأصلية، فهذا الطرح بتقديري هو من جانب هروب من حقائق الواقع، ومن جانب آخر عدم احاطة بمبادئ وقواعد تسوية المشكلات العامة والخاصة، ولأجل إزالة مثل ذلك اللبس، فقد ارتأيت ــ استكمالا وتوضيحا لهذا المفترض من مفترضات التصالح والتسامح ـــ أن أتطرق لبعض المعالجات والتسويات المقترحة للمشكلات محل التصالح بشيء من الإيجاز على النحو التالي: 1ـ المعالجات المقترحة لحل مشكلات تأميم الملكية التجارية والخاصة: تمهيد وتقسيم: لقد شكل الفكر الاشتراكي العلمي الذي اعتنقته النخبة السياسية، وبرز كايدولوجيه سياسية واقتصادية وثقافية عقب ما سمي بالخطوة التصحيحية يونيو1969م،شكل خطأ فادحا تسبب بنتائج كارثية على فئات اجتماعية عديدة منها القضاء التام على القطاع الخاص الجنوبي وتأميم رأسماله الذي راكمته السنوات السابقة، وهو ما أدى إلى كارثة إنسانية بحق أصحاب تلك الأموال وبالجنوب عامة، تمثلت في هجرت رؤوس الأموال تلك وتشريدها في دول الجوار، ورغم ما لحق بأصحاب تلك الأموال من أضرار مادية ومعنوية، إلا أنهم كانوا بالفعل سببا في نمو اقتصاد البلدان التي استقروا بها في حين خسر الجنوب ذلك واحتكرت الدولة الاقتصاد والملكية ولم تشعر بخطأ ذلك إلا عندما بدأت ايدولوجيتها بالانهيار عالميا، وقد كان الواجب على النظام السياسي حينها، أن يتدارك إصلاح ذلك الخطأ ويعالج نتائجه الكارثية، قبل الذهاب بشعب الجنوب الفقير في رأسماله الخاص والغني في ثرواته الطبيعية، إلى وحدة اندماجية مع دولة ذات توجه رأسمالي، حوَّل حاكمها تلك الوحدة إلى ضم وإلحاق واحتلال مباشر للجنوب أرضا وإنسانا، لذلك فإن الخروج من هذا الوضع المأساوي يقتضي إصلاح ما كان ينبغي إصلاحه قبل عشرين سنة، وذلك من خلال تسوية عامة لوضع الاقتصاد الجنوبي ومعالجة آثار مشكلات النظام الاقتصادي السابق التي مازالت قائمة حتى الآن وذلك عن طريق اتخاذ الأتي: المعالجات العامة ــ اعتماد نظام اقتصاد السوق الحر كأحد الأسس الاقتصادية في دستور الدولة الجنوبية القادمة، وبما يتوافق مع قيم ومبادئ الاقتصاد الإسلامي القائمة على الكسب والمنافسة المشروعين ومنع الاحتكار ونظام الزكاة والأوقاف والصدقات الذي يهدف إلى تحقيق توازن حقيقي بين الفقراء والأغنياء وعدالة اجتماعية في توزيع واستغلال الثروات، والاستفادة من سلبيات وايجابيات النظم الاقتصادية السائدة.. ــ تشكيل جمعية خاصة بالتجار الجنوبيين تظم جميع أصحاب رؤوس الأموال الجنوبيين في الداخل والخارج، تتولى رعاية حقوقهم ومصالحهم والدفاع عنها والتخطيط لأنشطتهم وإعداد وإقرار اللوائح المنظمة لإعمال جمعيتهم واقتراح القوانين المتعلقة بنشاطهم التجاري أو تعديلها...الخ ــ إعداد قانون للاستثمار يتضمن تسهيلات وأولوية للرأسمال لجنوبي في الاستثمار ويحدد بموجبه مجالات الاستثمار ومناطق استثمارية وصناعية..الخ ــ إعادة الاعتبار لمكانة ميناء عدن، كميناء دولي يتوسط قارات العالم، وذلك من خلال إعادة تأهيله وإخضاعه لإدارة علمية وتقنية حديثة..الخ ــ إنشاء مناطق حرة في بعض المناطق الساحلية أو الجزر الجنوبية بموجب دراسات ميدانية وعلمية دقيقة عن جدوى مثل ذلك..الخ معالجات خاصة ــ تشكيل لجنة خاصة لدراسة ومعالجة مشكلات تأميم ومصادرة الملكية التجارية، يكون نصف أعضائها من التجار الجنوبيين، تتولى عن طريق مختصين تستعين بهم، حصر ودراسة مشكلات تأميم الملكية التجارية وتحديد قيمة الأضرار التي لحقت بأصحاب رؤوس الأموال واقتراح معالجاتها طبقا للقواعد والمعايير العامة المقرة للمعالجة السابق الإشارة إلى بعضها.. تتم معالجة مشكلة الأرض الزراعية المصادرة، على نمط ما سبق بشأن تأميم الملكية التجارية.. 2ـ المعالجات المقترحة لحل مشكلات الحرية السياسية وتداعياتها: تمهيد وتقسيم:على الرغم من نجاح دولة الاستقلال من توحيد كافة السلطنات والمشيخات والإمارات الجنوبية وإخضاعها لسلطان الدولة وقوانينها بالتساوي، إلا أن عملية التوحيد تلك اتخذت طابع القصر والقفز على الخصوصية الاجتماعية والجغرافية لتلك الكيانات، حيث وصل الأمر إلى المحو الكامل للكيانات الاجتماعية والسياسية التي كانت قائمة بما فيها آثارها التاريخية وتراثها الفكري والثقافي الذي راكمته المراحل التاريخية السابقة بدلا من الحفاظ على ذلك باعتباره جزء من تاريخ وتراث وثقافة الجنوب المشكلة لهويته، بل وصل الأمر إلى محو تاريخ السلطنات والمشيخات الجنوبية الذي هو بالأصل تاريخ الجنوب الذي استبدل بدعاوى تاريخية تضمنتها وثائق الدولة ومناهجها التعليمية بشأن واحديه اليمن أرضا وإنسانا ، مع أن تاريخ السلطنات والإمارات الجنوبية عرف أشكالا إدارية راقية ونظما دستورية وقانونية متقدمة، لكنها عدت بنظر دولة الاستقلال جزءا من الماضي الاستعماري الانجلوسلاطيني ــ حسب وصفهم ــ الذي يجب محوه من ذاكرة شعب الجنوب, وهذا للأسف نظر قاصر وخاطئ كان من نتائجه صراعات دموية اتخذت في جانب منها طابعا مناطقيا وجهويا، كما كان من نتائجه أن أدى إلى الزج بالجنوب في وحدة فاشلة مبنية على دعاوى تاريخية باطلة، لذلك فإنه يقتضي للخروج من هذا المأزق، معالجة أسباب هذه المشكلات ونتائجها القائمة حتى اليوم من خلال اتخاذ الخطوات التالية: المعالجات العامة: ــ اعتماد مبدأ التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة عن طريق انتخابات مباشرة حرة ونزيهة، كمبدأ دستوري في دستور الدولة الجنوبية القادمة. ــ إقرار دستور الدولة الجنوبية القادمة لنظام اللامركزية الإدارية عن طريق إقامة حكم محلي كامل الصلاحيات أو حكم فدرالي، يمكن كل وحدة إدارية من إدارة شؤونها وحل مشكلاتها بما يتناسب وخصوصيتها ومتطلبات التنمية فيها بما في ذلك حصولها على نسبة لا تقل عن عشرين بالمائة من عائدات الثروات الطبيعية المستخرجة من أرضها. ــ تشكيل مجلس أعلى للإعلام والثقافة والعلوم، يتبع الحكومة ويظم أربع هيئات أو مؤسسات أحداها للإعلام والثانية للبحث العلمي والثالثة للثقافة والفنون والرابعة للتراث والسياحة تتولى جمع التراث الجنوبي والحفاظ علية وتوثيقه وتعريف الأجيال به، كما يتبع كل هيئة مركز بحوث مجهز بكل الوسائل البحثية الحديثة. ــ إعادة الاعتبار لتاريخ الجنوب والهوية الجنوبية والمكونات السياسية والاجتماعية للجنوب قبل الاستقلال، وذلك على اعتبار أن استقلال الجنوب من الاستعمار البريطاني وفقا لتحليل المنطقي لأحداث التاريخ لم يكن ثمرة نضال فصيل بذاته دون سواه، أو ثمرة نضال أربع سنوات هي عمر ثورة 14 اكتوبر1963م ــ 30نوفمبر1967م، بل هو ثمرة لنضال شعب الجنوب بمختلف فئاته ومكوناته السياسية والاجتماعية والثقافية ..الخ, خلال مائة وتسعة وعشرين عاما، ابتداء من أول طلقه أطلقها المقاومون الجنوبيون من على قلعة صيرة وسواحلها باتجاه سفن الكابتن هنس الغازية، مرورا بإعلان السلطنتين العبدلية والفضلية الجهاد ضد بريطانيا وما تلا ذلك من انتفاضات وتمردات قبلية وشعبية ونقابية ونضال سياسي وفكري..الخ، هيأ كل ذلك وانضج الظروف الموضوعية والذاتية لانطلاق ثورة أكتوبر63م من قمم جبال ردفان تتويجا لنضال شعب الجنوب ضد الاستعمار البريطاني بكل فئاته ومكوناته، ولم تنطلق من صنعاء ولا من تعز، ولم تكن بنتا ولا حتى أختا لانقلاب سبتمبر62م في صنعاء الذي لم يتمكن طوال عمر ثورة أكتوبر الجنوبية من السيطرة الكاملة والآمنة على عاصمته صنعاء، بل ما كان له أن يستقر بها لولا أربعون ألف جندي مصري أغاثوه، ولولا نصرت رجال الجنوب لكان تحول حصار السبعين يوما، إلى سبعين عاما أخرى يحكم فيها الإمام صنعاء، أما الدعم المادي والوجستي الذي حصلت عليه ثورة أكتوبر عن طريق تعز ومناطق يمنية أخرى، فهو دعم ومساندة مصرية، لم يستمر طويلا فقد توقف عقب أزمة الدمج بين الجبهة القومية وجبهة التحرير في 13 يناير66م، وهذا مقطتف من بعض حقائق التاريخ التي يحاولون تزويرها باسم الواحدية, وينساق البعض عن جهل بعدهم، الأمر الذي يقتضي معه، إعادة الاعتبار لتاريخ الجنوب، من خلال أعادت كتابته بصورة علمية وواقعية منصفة وتضمين ذلك بالمناهج العلمية لكافة مراحل التعليم بهدف تكوين وعي جنوبي بحقيقة تاريخه المحدد لهويته. ــ تأسيس جمعية سكنية لابناء الأسر العدنية التي استوطنت عدن منذ خمسينيات القرن الماضي وما قبلها واستقرت فيها حتى التاريخ، بحيث تخصص قطعة ارض سكنية لكل عضو من أعضاء الجمعية، تتولى تلك الجمعية إنشاء مساكن فيها عن طريق قروض ميسرة من الدولة..الخ المعالجات الخاصة أ) تتولى الهيئة الوطنية العليا للتصالح والتسامح تشكيل لجنة متخصصة لمعالجة نتائج الصراعات الدموية السابقة تظم كادر مؤهل من الحقوقيين وعلماء الدين وممثلين عن أهالي الضحايا، تتولى هذه اللجنة حصر وتوثيق ضحايا الصراعات السابقة وأفراد عائلاتهم والأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بتلك العائلات نتيجة فقدها لعائلها والظروف المعيشية لتلك العائلات في الوقت الراهن وما تطلبه من رعاية للعيش في حياة حرة وكريمة . ب) اعتبار جميع ضحايا الصراعات السابقة شهداء تمنح عائلاتهم مرتبات شهرية من الدولة .. ت) إعفاء ابناء الشهداء من جميع الرسوم المقررة للدراسة أو نحوها، وتتكفل الدولة بجميع نفقات دراستهم أو معالجتهم داخل الوطن أو خارجه، كما تتكفل الدولة توفير كل أسباب الحياة الحرة والكريمة لعائلات الشهداء وصرف كافة التعويضات المستحقة لهم حسب الدراسة التي تعدها اللجنة الخاصة بذلك بعد إقرارها من الهيئة الوطنية العليا للتصالح والتسامح بما في ذلك إعداد سكن ملائم للعائلة. ث) إعادة الممتلكات الخاصة بأسر المشائخ والسلاطين وغيرهم من الشخصيات الاجتماعية والسياسية التي صودرت أموالهم خلال المراحل السابقة، على أن يقتصر ذلك على الممتلكات الشخصية التي لا تتعلق بأموال وحقوق السلطنات أو المشيخات أو الإمارات أو مؤسساتها، وطبقا للمبادئ والقواعد العامة للمعالجة السابق الإشارة إلى بعضها...الخ 3ـ المعالجات المقترحة لحل مشكلات الحريات الدينية: تمهيد: على الرغم من أن الأمر لم يصل بشأن هذا المجال إلى الحضر التام للحرية الدينية وممارسة شعائرها، إلا أنه عانى من التهميش والإقصاء والتنكيل برموزه من العلماء والمشائخ والإغلاق للمدارس والأربطة الدينية دون إيجاد بدائل لها في مناهج التعليم الرسمية أو غيرها، والأسوأ من ذلك أنه حصل إقصاء شبه تام للشريعة الإسلامية من مصادر تشريعات الدولة، لذلك ولأن الدين الإسلامي يعتبر عنصرا سياديا في تكوين شخصية وهوية الإنسان والمجتمع الجنوبي والدولة الجنوبية، فإنه يلزم إعادة الاعتبار لموقعه السيادي ذاك، من خلال اتخاذ مجموعة من المعالجات العامة والخاصة من ضمنها الآتي: المعالجات العامة أ) اعتبار الدين الإسلامي دين الدولة الجنوبية والشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات فيها. ب) تضمين وثيقة التصالح والتسامح نصا، يقر بموجبه الجنوبيون نبذهم للعنف والتطرف الديني، وتعهدهم بمحاربة الإرهاب بكل أشكاله وصوره، وعدم السماح للارهابين من اتخاذ أي شبر من ارض الجنوب ملجئا لهم أو منطلقا للاعتداء على احد.. ت) تشكيل جمعية خاصة بعلماء الجنوب تضم في عضويتها جميع علماء الدين الجنوبيين، ويكون لها نظام أساسي ولائحة تنظيمية، يتضمنان مهام وواجبات الجمعية وشروط وضوابط وإجراءات اكتساب لقب عالم أو شيخ دين وفقا لما هو محدد في كتب الفقه الشرعي ووفقا لمستجدات العصر وظروفه الراهنة، وبما يضمن الحفاظ على قدسية هذه الألقاب الدينية ومكانة أصحابها،من المتطفلين عليها..الخ ث) تشكيل مجلس أعلى للشؤون الدينية والأوقاف، يتبع للحكومة ويتكون من ثلاث مؤسسات أو هيئات عامة، أحداها للدعوة والإرشاد تتولى الادراة والرقابة والإشراف على جميع الأنشطة الدينية والدعوية وإنشاء المعاهد والمراكز الدعوية وتأهيل خطباء المساجد والدعاة وإنشاء قناة مختصة بالشؤون الدينية..الخ، وثانيها: دار للإفتاء تظم كبار العلماء من جميع المذاهب، تتولى إصدار الفتاوى خصوصا في المسائل المستجدة، وتقريب وجهات النظر بين المذاهب الإسلامية..الخ، وثالثهما: مؤسسة عامة للأوقاف والزكاة وفروعها بالمحافظات والمديريات، يتولى إدارتها كبار العلماء ومشائخ ودعاة الدين في عموم الجنوب، تتولى إدارة أموال الأوقاف والإشراف عليها وتحصيل إيراداتها وتحصيل الزكاة وتوزيعها على مصارفها الشرعية طبقا للأحكام الشرعية وما يحدده قانون الوقف والزكاة..الخ ج) تشكيل هيئة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية من كبار علماء الدين بالمشاركة مع كبار علماء القانون، تتولى تقنين أحكام الشريعة الإسلامية عن طريق الاشتراك في إعداد مشاريع القوانين قبل إحالتها إلى المجلس التشريعي لإقرارها، بما يضمن عدم تعارض القوانين الجنوبية مع الأحكام القطعية والقواعد الكلية في الشريعة الإسلامية..الخ ح) إنشاء جامعة إسلامية على نمط الأزهر تضم كليات بمختلف التخصصات الشرعية والدينية. خ) اعتماد مرتبات شهرية ملائمة للعلماء الذين ليس لهم درجات وظيفية بالدولة، وبما لا يقل عن مرتب مدير عام حسب السلم الوظيفي للدولة. المعالجات الخاصة أ) تعويض اسر العلماء الذين شردوا أو استشهدوا خلال المراحل السابقة، وتقديم كل أوجه الرعاية والاهتمام لهذا الأسر بما في ذلك توفير مساكن لها..الخ ب) إعادة ممتلكات وحقوق المعاهد والأربطة والمدارس الدينية التي تم مصادرتها وتأميمها سابقا، أو تعويضها عن كل ذلك. 4ــ المعالجات المقترحة لحل القضية الجنوبية وتداعياتها: المعلوم أن القضية الجنوبية تعد بحق قضية الجنوب المركزية المطروحة حاليا على طاولة السياسة الدولية والداخلية، وهذه القضية مؤسسة على فشل وحدة 22مايو1990م بين دولة(ج.ي.د.ش) ودولة(ج.ع.ي) وتحول تلك الوحدة عقب 7/7/1994م إلى ضم وإلحاق للجنوب الى دولة الشمال ..الخ،كما أن هذا الضم والإلحاق للجنوب كانت له نتائج وتداعيات كارثية على شعب الجنوب، وهذا يجعلنا أمام قضية جوهرية وتداعيات مأساوية لها، وكل منهما يتطلب معالجة: بالنسبة للقضية الجنوبية: فإن حل هذه القضية هو الذي فرض برأيي ضرورة إيجاد تسوية تاريخية لمشكلات الجنوب بشكل عام، بعد أن تباينت الرؤى حول أسلوب وطريقة حلها، ومقترحي هذا يتركز بدرجة أساسية حول أسلوب حل هذه القضية المصيرية بالنسبة لشعب الجنوب، لذلك فلن أتطرق إلى رأيي في طبيعة ونوع الحل لهذه القضية، وإنما سأقتصر على بيان طريقة الوصول إلى ذلك الحل حسما للآراء المختلفة بشأنه، وطريق الحل المقترح هو كما سبق مؤتمر عام لحل مشكلات الجنوب كاملة بما فيها القضية الجنوبية، يحتكم فيه الجميع للإرادة الجماهيرية المغيبة خلال المراحل التاريخية السابقة عن صنع حاضرها، واقترح أن تشمل وثيقة التصالح والتسامح الجنوبي بشأن هذه القضية الآتي: ـ بيان مفهوم القضية الجنوبية بيانا وافيا طبقا لمرتكزاتها السياسية والقانونية والواقعية. ـ بيان المرتكزات التاريخية والقانونية للقضية الجنوبية، من خلال تحليل علمي سليم لمدى صواب المرتكزات التاريخية التي قامت عليها وحدة مايو1990م ثم إعطاء توصيف قانوني صحيح لطبيعة اتفاق الوحدة بين الدولتين، وطبيعة حرب صيف 1994م التي شنها الشريك الشمالي على الشريك الجنوبي وطبيعة نتائجها، وطبيعة إعلان الشريك الجنوبي لفك الارتباط وتشكيل دولته، وطبيعة ومدلول قرارات مجلس الأمن الدولي خلال تلك الحرب. ـ بتقديري أنه متى استطعنا أن نعطي توصيفات صحيحة للوقائع التاريخية السابق ذكرها، فإننا سنتوصل تلقائيا الى الحل الواقعي والقانوني للقضية الجنوبية، وهذا هو الغاية والهدف السامي من وثيقة التصالح والتسامح. وبالنسبة لحل تداعياتها: فقد أنتجت حرب صيف1994م تداعيات كثيرة أبرزها مشكلة الموظفين والمتقاعدين ونهب الأراضي والمساكن وإحياء الثارات والصراعات القبلية..الخ, وهذه المشكلات كسابقاتها تتطلب معالجات عامة لأسبابها ومعالجات خاصة لنتائجها، وسأقتصر هنأ إلى الإشارة إلى مقترحات معالجة ابرز واخطر مشكلة بتقديري وهي مشكلة الثارات القبلية التي اقترح أن تتضمن وثيقة التصالح والتسامح المعالجات التالية لهذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة: أ) تتولى الهيئة الوطنية العليا للتصالح والتسامح تشكيل لجنة عليا لمعالجة قضايا الثأر، تضم شخصيات سياسية واجتماعية وقانونية وقضائية من ذات الكفاءات والخبرات العالية. ت) تتولى اللجنة السابقة إعداد دراسة ميدانية عن كل مشكلة من مشكلات الثارات والصراعات القبلية على حدة، تحدد أسبابها ونتائجها وتداعياتها وابرز المقترحات لحلها. ث) بعد التشاور مع أصحاب الشأن في تلك المشكلات، تعلن اللجنة العليا لمعالجة قضايا الثأر، هدنة شاملة لعموم الجنوب يتوقف خلالها الاقتتال القبلي والثارات الشخصية. ج) تتولى اللجنة المعنية أثناء فترة الهدنة المحددة، وضع المعالجات لكل قضية على حدة بما يرضي جميع الأطراف بعد التنسيق معهم وحصول الموافقة المبدئية منهم، ثم بعد ذلك يحدد موعد للتوقيع على الصلح بشأن تلك القضية في احتفال عام يشارك فيه من كل عموم الجنوب.. وهكذا القضايا الأخرى.. ح) يجب أن تتدرج الحلول من القضايا البسيطة أو القضايا القابلة للحل بسهولة، حتى تتعز الثقة بعمل اللجنة وتلاقي مساعيها وحلولها استجابة وقبول في بقية القضايا الأكثر تعقيدا. خ) يجب حشد كافة الإمكانيات الإعلامية والمادية, والدفع بالشخصيات القبلية والسياسية والتجارية والاجتماعية ذات العيار الثقيل والتأثير الجماهيري، للمشاركة في إنجاح ودعم عمل لجنة معالجة قضايا الثأر. د) عقب استكمال معالجة جميع قضايا الثأر والتوقيع عليها، تحدد الهيئة العليا للتصالح والتسامح بالتنسيق مع لجنة معالجة قضايا الثأر، موعدا للتوقيع على صلح عام تنتهي بموجبه جميع الثارات القبلية في عموم الجنوب، يكون بعده القضاء هو المرجع لحسم أي اقتتال بين الإفراد، ويحضر مراسيم التوقيع جميع مشائخ ورموز الجنوب في احتفال وطني لجميع ابناء الجنوب. ذ) يلزم أن يكون حل هذه القضايا من أول المهام التي تتولاها الهيئة الوطنية للتصالح عقب تشكيلها مباشرة، ويتضمنها برنامج عملها المرحلي. ر)أن العمل على انجاز هذه المشكلة سوف يشكل زخما كبيرا للقضية الجنوبية والحراك الجنوبي، وأنا على ثقة بأنه متى وجدت النوايا الصادقة، فإن هذه القضية سوف تكون أول القضايا الجنوبية التي ستحل وستكون مفتاح الحل بإذن الله لجميع القضايا. في ختام هذا المفترض أود أن أشير إلى أن هذه المعالجات المقترحة هي على سبيل التمثيل ولفت الأنظار للكيفية التي يجب أن تتخذها المعالجات المقصودة بمقترحي, وليست على سبيل الحصر أو التفصيل... المفترض الرابع: إقرار مقترحات الحلول وإنهاء الخصومة بشأن المشكلات محل التصالح: يعد هذا المفترض أهم وآخر مفترضات التصالح والتسامح الجنوبي، فمنه تستمد وثيقة التصالح والتسامح مشروعيتها والزاميتها، باعتبار أنه يتضمن عنصر الحسم في الصلح الذي تم، والذي هو بمثابة المنطوق في الأحكام القضائية، لذلك؛ فإنه يتعين أن يتضمن هذا المفترض المسائل التالية: 1) إنه بمجرد إقرار وثيقة التصالح والتسامح من قبل المؤتمر العام للتصالح والتسامح الذي يمثل كل مكونات وفئات الشعب الجنوبي، تعد ميثاقا وطنيا ملزما لجميع الجنوبيين، تنتهي بموجبه خصومات الماضي، ولا يجوز لأي طرف أو هيئة أو شخص فتح نزاع بشأنها، إلا في سبيل المطالبة بتنفيذ ما تضمنته من معالجات، أو التظلم من عدم كفايتها أو عدم صحة الأسس والمعايير التي بنية عليها، وذلك عن طريق عريضة تظلم تقدم إلى الهيئة العليا للتصالح، التي بدورها تحيلها إلى اللجنة القانونية لدراستها وإبداء الرأي فيها ثم إصدار قرار نهائي فيها من الهيئة العليا، قابل للطعن فيه أمام القضاء..الخ، كما أنه لا يجوز لأي جهة كانت تعديل أو إلغاء ما تضمنته وثيقة التصالح والتسامح بعد إقرارها، إلا في سبيل تطويرها وتوسيعها أو الإضافة إليها..الخ 2) إن وثيقة التصالح والتسامح الجنوبي، ليست رؤية تحليلية أو تقييميه للمراحل التاريخية السابقة أو محاكمة لها، وإنما مشروع معالجة توفيقية للمشكلات التي أفرزتها تلك المراحل اقتضتها المصلحة العليا لشعب الجنوب الذي يرزح في الوقت الراهن لأسوأ وأبشع استبداد عرفه على مر تاريخه، لأجل ذلك ركزت هذه الوثيقة على الجانب السلبي لتلك المرحلة دون جوانبها الايجابية، الذي يقتضي الإنصاف التاريخي الإشادة بما تضمنته من جوانب مشرقة ومنجزات عديدة لعل ابزرها ــ على سبيل المثال لا الحصر ــ فرض سيادة القانون على كامل رقعة الجنوب وتحقيق قدر من الاستقرار الأمني والمعيشي لجميع السكان ورفع مستوى الأسر الفقيرة اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا، وإشاعة التعليم ومجانيته ..الخ من المنجزات التي يستوجب الاعتزاز بها والحفاظ عليها وتعزيزها مستقبلا، باعتبار أن بناء الحاضر يتخذ مساقين، احدهما الاستفادة من أخطاء الماضي ومعالجتها، وثانيهما تعزيز وتطوير ايجابياته والبناء عليها.. ثالثا: خاتمة وتنويهات: في ختام مقترحي هذا أحب التنويه إلى المسائل التالية: 1) إن هذا المقترح جهد واجتهاد فردي في مسألة تحتاج إلى تضافر جهود واجتهادات جماعية لانجازها، لذلك فاحتمال الخطأ والصواب جزئيا أو كليا وارد فيه بشكل كبير، ولكن ما ارجوه من المطلع على هذا المقترح، هو إتباع المنهجية السليمة في القراءة الناقدة والتقييم السليم، المتمثلة في الوقوف على الفكرة العامة للموضوع وأهدافها، وتقييم ذلك بمعزل عن التفاصيل لان قواعد المنطق تقضي بأنه متى كانت الفكرة العامة لأي موضوع خاطئة وليس لها أي أساس أو مرتكزات واقعية صحيحة، فإنه لا أهمية حينها لبحث وتقيم تفاصيلها طالما وهي مبنية على أساس خاطئ وغير سليم من جميع النواحي، والعكس صحيح فمتى كانت الفكرة العامة صحيحة كليا أو جزئيا، فإنه يمكن عندها بيان أوجه القصور فيها واستكمالها ثم الولوج في تقيم تفاصيلها، سلبا أو إيجابا، كليا أو جزئيا، واقتراح البدائل لها، فلا إشكالية في أن تكون جميع التفاصيل غير صحيحة، طالما والفكرة الأساسية للموضوع صحيحة، ذلك أن ما عداها من تفاصيل وإجراءات قابلة للتعديل والتبديل، فالمهم هو عدم بناء تقييم الفكرة الأساسية للموضوع قبولا أو رفضا، بناء على صواب أو عدم صواب تفاصيلها.. وهذا ما أتمنى مراعاته عند تقييم هذا المقترح.. 2) هناك لحظات تاريخية فارقة في حياة الأمم والشعوب، تضعها أمام خيارين مصيرين، أولهما إعادة إنتاج وضعها القائم أو الحفاظ عليه، وثانيهما الانتقال إلى مرحلة تاريخية جديدة، وتسمى هذه اللحظات، فرصا تاريخية، قد لا تتكرر بعد فواتها مطلقا أو تتكرر بعد مرور مراحل زمنية طويلة ومكلفة، وشعب الجنوب في الوقت الراهن، يعيش ــ بحق ــ تلك الفرصة التاريخية النادرة التي راكم أسبابها ومقوماتها نظام صنعاء الاستبدادي، مما جعل شعب الجنوب يعيش مخاض اختيار عسير وشاق، فأما أن يلتقط هذه الفرصة ويتحرر من الظلم والاستبداد، ويؤسس مستقبلا مشرقا لأجياله القادمة، وأما أن يفوت تلك الفرصة ويكرس بذلك واقعه الاستبدادي بصورة أبشع مما كان عليه من قبل، وحسب علمي واطلاعي فإن هذه الفرصة التاريخية التي تهيأت لشعب الجنوب في الوقت الراهن لم يسبق أن تهيأت له فرصة مثلها بذات المقدمات والأسباب على مر تاريخه الطويل، وبتقديري أن هذه الفرصة التاريخية لا تتطلب لانجازها أو لاستثمارها بشكل امثل، سوى تسوية تاريخية شاملة لمشكلات الماضي على منوال ما أشرت إليه من مقترحات بل واشمل وأعمق منها بكثير.. فهل ندع هذه الفرصة التاريخية تضيع, ثم نعظ أصابع الندم على ذهابها مع أن كل مقومات ومقدمات تلك التسوية مهيأة ومتيسرة في الوقت الراهن..!!! في الأخير خواتم مباركة على الجميع واسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال..
__________________
|
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
|
|
الساعة الآن 07:14 PM.