أولا بوادر السقوط

[صوت الحرية]

عاد الهدوء مجددا إلى مدينة تعز عقب حالة اضطراب ومواجهات مسلحة بين مواطنين ورجال الامن على خلفية مقتل الشيخ عبد السلام القيسي . و قالت مصادر محلية بمديرية شرعب السلام محافظة تعز أن مجموعة مسلحة في المديرية سيطرت ليلية أمس على المركز الأمني بمنطقة نجد المحجل واستولت على الأسلحة المتوسطة فيه وسمحت لأفراده بالتوجه إلى مدينة تعز إثر اشتباكات مسلحة معهم منذ مغرب أمس, اثر مقتل الشيخ عبد السلام القيسي وإصابة ابنه وابن آخيه بنقطة عسكرية في مدخل المديرية عصر أمس. وحسب مصادر مطلعة فان عدد من أبناء شرعب قاموا بقطع بعض شوارع مدينة تعز كما قاموا بمصادرة كل سيارة تحمل لوحة حكومية أو جيش. منها سيارة وكيل نيابة حبيش محمد سلطان الذي كان عائدا من منطقة الضباب بسياراته البرادو والتي تحمل لوحة رقم 7842 . وعلمت الوحدوي نت أن تبادلا للنار بين مسلحين من أنصار الشيخ القتيل وأفراد الأمن أدت إلى مقتل احد الجنود وإصابة مواطن بعد منع المركز الأمني المواطنين من الدخول إلى مدينة تعز. وشهدت المنطقة تعزيزات أمنية بـ5 أطقم لفك الحصار عن أفراد المركز الأمني, من قبل أنصار الشيخ الذين كانوا يستقيلون أكثر من 22 سيارة. وحسب المصادر فان المسلحين دخلوا مدينة تعز مشيا على الأقدام بعد منع المركز الامني دخولهم بسياراتهم. وتحدثت أنباء عن احتجاز قرابة خمسين جنديا من قبل أنصار شيخ شرعب واحتجازهم داخل احد عنابر المدينة بانتظار ما ستسفر عنه مفاوضاتهم مع الحكومة. وكان الشيخ عبد السلام القيسي لقي حتفه عصر أمس وأصيب أبنه وابن أخيه بنقطة شرعب أثناء مطاردة الأمن لشخص آخر بسبب حمل السلاح. مصادر مقربة من القتيل نفت أن يكون مقتل الشيخ القيسي على خلفية حمل السلاح, مؤكدة أن الشيخ ومرافقيه كانوا بدون أسلحة بعد أن أخذت اسلحتهم في نقطة عسكرية بمحافظة اب على مداخل محافظة تعز. ورغم عدم ظهور ملابسات الحادث الحقيقية الا ان مصادر مقربة من شيخ منطقة "الافيوس" في مخلاف شرعب السلام بتعز، قالت إن القتيل كان في طريقه إلى سوق القات المركزي بمدينة تعز، الذي يدور حول تأجيره خلاف بين المستأجر الجديد والقديم. وأن خلافا نشب بين مرافقيه وأفراد طقم تابع للأمن المركزي، إثر إصرار الجنود أن يسلم مسدسا كان يحمله، ليطلق الجنود النارعلى سيارة الشيخ أدت إلى أصابت 3 إضافة إلى مقتل الشيخ وإصابة نجله بإصابات بليغة. وتفيد مصادر أن وزير الخدمة المدنية حمود خالد الصوفي وصل تعز في محاولة لاحتواء غضب أنصار الشيخ والسيطرة على الاضطرابات التي تسبب فيها الحادث , كما وصل الى ذات المدينة نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الدكتور رشاد العليمي لاحتواء الأزمة.

[صوت الحرية]

الثلاثاء الماضي طرح مجلس الشورى على الحكومة توصية لم تكن بحاجة إليها: تسريع إجراءات التوقيع مع الجهات المانحة على اتفاقيات التمويل بالمبالغ التي التزمت بتقديمها لليمن في مؤتمر المانحين بلندن.

الحكومة، أصلا، مستبسلة في ملاحقة المانحين لتفريغ محفظتهم في أرصدتها بالسرعة الممكنة، لكن هذا ليس الموضوع، الموضوع أن مجلس الشورى نفسه استعرض، قبل ايام قلائل، نماذج لقروض بملايين الدولارات لم يتم تنفيذ المشاريع المخصصة لها.

غير تدميره موارد البلاد الذاتية، فإن الفساد الحكومي يطال القروض والمنح الخارجية ويحولها إلى جزء من موارده، وإن تكن هذه حقيقة معروفة للجميع، فإن الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة تطوع، أخيرا، بتقديم بعض معلومات تفصيلية عنها.

في تقريره المقدم إلى مجلس الشورى، عن دراسته للحسابات الختامية للقطاع الاقتصادي المملوك للدولة، قال الجهاز إن أعدادا من القروض لم يتم استخدامها ولم تنفذ المشاريع الممولة بها رغم مرور المدد الزمنية المحددة للتنفيذ.

على استحياء ساق الجهاز أمثلة، للتدليل لا الحصر:

قرض الصندوق العربي للإنماء الممول لمشروع خطوط النقل: مأرب- صنعاء، بمبلغ 102.739.726 دولار. وقعت اتفاقية القرض في يناير 2003 وأصبحت نافذة في ديسمبر نقس العام، وفيما حددت فترة إنجاز المشروع بـ 4 سنوات، فإنه، حتى نهاية 2005 (تاريخ دراسة الجهاز المركزي) كانت قد مرت نصف هذه الفترة ولم يبدأ إنجاز المشروع أو السحب من القرض لصالحه.

الصندوق السعودي قدم قرضا لتمويل مشروع كهرباء مأرب الغازية بمبلغ 50 مليون دولار. وقعت الاتفاقية في نوفمبر 2001 وأصبحت نافذة في أغسطس 2002، وقد انتهت المدة المحددة لإنجاز المشروع (3 سنوات) ولم يتم إنجازه.

10 ملايين دولار قدمها البنك الإسلامي للتنمية قرضا لمشروع البنية الأساسية لمياه الحديدية، 4 ملايين فقط تم استخدامها من القرض، ولم ينجز المشروع.

مشروع تطوير مطار صنعاء الدولية الممول بقرض من الصندوق العربي للإنماء يبلغ 96 مليون دولار، مضت ثلاثة أرباع فترة التنفيذ دون تنفيذ، ولم يستخدم من هذا القرض لصالح المشروع غير 6.4% فقط.

الجهاز المركزي مهذب جدا، إنه، على الإطلاق، لا يستخدم مفردة "الفساد" في أي من تقاريره، وحتى التقارير التي ترصد اختفاء مليارات من المال العالم، يستعمل فيها لازمة واحدة: "تجاوزات ومخالفات"، وفي ما يتعلق تدمير هذه القروض فإنه يكتفي بالقول إن سبب عدم تنفيذ المشاريع هو اعتمادها قبل استكمال تصاميمها أو عدم الدقة في التخطيط لها.

في مشروع مياه الحديدة، لم يتم التنفيذ بسبب أخطاء في التصاميم وعدم دقة في تقدير الكلفة، وفي مشروع مطار صنعاء كان السبب قصور الدراسات "باعتبارها قديمة تعود إلى عام 82"، وهكذا في بقية المشاريع.

الخسارة لا تتوقف عند ضياع القروض وموت مشاريع تنموية، هناك أيضا حكاية الفوائد، حيث على الخزينة العامة أن تتحمل فوائد القروض الضائعة والتي تصل إلى ملايين الدولارات، وفقا لتقرير الجهاز فإن القرض الخاص بمشروع مياه الحديدة (10 ملايين دولار) سددت فوائد عنه حتى نهاية 2005 بمبلغ يزيد قليلا على 600 ألف دولار، ويؤكد التقرير أن هذه الفوائد ستنمو، مستقبلا، وتتضاعف أعباؤها بشكل كبير.

أما أين يتم استخدام هذه القروض طالما لم تنفق على مشاريعها، فإن جهاز الرقابة لا يبدو معنيا بالإجابة، ومثله مجلس الشورى، والحل أن نستنتج نحن وفقا لما نعرفه، عموما، عن مصائر المال العام، مع استحضار شاهد مناسب:

حين ارتفع سقف المعارضة، عشية انتخابات 2006، وزع قادتها على الصحافة وثائق عن استخدام المال العام للإنفاق على الحملة الانتخابية للحزب الحاكم. كشفت الوثائق عن تحويلات بالملايين لصالح المؤتمر الشعبي من الحساب الخاص لمشروع ترميم الجامع الكبير بصنعاء، وهو الحساب الممول بقرض كبير من عديد جهات خارجية بينها لصندوق العربي للإنماء. لقد بلغت تلك السحوبات أكثر من 3 مليارات ريال.

ليست كل أيامنا انتخابات، والقروض المهولة لعشرات المشاريع الأخرى لا تذهب لتمويل الدعاية الموسمية للحاكم، إنها تلتحق بالتأكيد بدورة اقتصادية سرية، غير شرعية لكنها ناشطة منذ 30 عاما.