قائمة الشرف



العودة   منتديات مركز صوت الجنوب العربي (صبر) للحوار > قسم المنتديات الأخبارية و السياسية > المنتدى السياسي

القرآن الكريم - الرئيسية - الناشر - دستور المنتدى - صبر للدراسات - صبر نيوز - صبرالقديم - صبرفي اليوتيوب - سجل الزوار - من نحن - الاتصال بنا - دليل المواقع - قناة عدن

عاجل



آخر المواضيع

آخر 10 مواضيع : الأثنين القادم فعالية تأبين كبرى لـ«فقيد» الوطن اللواء د عبدالله أحمد الحالمي في عدن (الكاتـب : nsr - مشاركات : 0 - المشاهدات : 189 - الوقت: 12:13 AM - التاريخ: 07-04-2024)           »          الرئيس الزبيدي يلتقي دول مجلس الأمن الخمس في الرياض (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 14109 - الوقت: 03:28 PM - التاريخ: 11-22-2021)           »          لقاء الرئيس الزبيدي بالمبعوث الامريكي بالرياض ١٨ نوفمبر٢٠٢١م (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 5468 - الوقت: 09:12 PM - التاريخ: 11-18-2021)           »          الحرب القادمة ام المعارك (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 10809 - الوقت: 04:32 AM - التاريخ: 11-05-2021)           »          اتجاة الاخوان لمواجهة النخبة الشبوانية في معسكر العلم نهاية لاتفاق الرياض (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 5129 - الوقت: 05:20 AM - التاريخ: 11-02-2021)           »          اقترح تعيين اللواء الركن /صالح علي زنقل محافظ لمحافظة شبوة (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 4968 - الوقت: 02:35 AM - التاريخ: 11-02-2021)           »          ندعو لتقديم الدعم النوعي للقوات الجنوبية لمواجهة قوى الإرهاب (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 4940 - الوقت: 08:52 AM - التاريخ: 10-31-2021)           »          التأهيل والتدريب (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 4860 - الوقت: 04:49 AM - التاريخ: 10-29-2021)           »          الرئيس الزبيدي يجري محادثات مع وفد رفيع المستوى من الاتحاد الأوروبي (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 5601 - الوقت: 12:56 PM - التاريخ: 10-27-2021)           »          تحرير ماتبقى من اراضي الجنوب العربي (الكاتـب : د/عبدالله أحمد بن أحمد - مشاركات : 0 - المشاهدات : 5067 - الوقت: 02:53 AM - التاريخ: 10-15-2021)

إضافة رد
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع طريقة عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-14-2005, 10:13 AM
عضو نشط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 79
افتراضي اليمن الجنوبي (سابقا) : سياسياً و اقتصادياً و اجتماعياً ـ في كتاب

هذا الكتاب صدر باللغة الإنجليزية قُبيل استقلال اليمن الجنوبي و هو يمثل وثيقة تاريخية هامة للغاية ، و على الرغم من مضي عقود على تلك الأحداث التي يستعرضها الكتاب ، إلا أننا نرى مشاهدها تتكرر اليوم في عدة أجزاء من الوطن العربي ...! لذلك انشر لكم هنا أجزاء من ذلك الكتاب ، و بالتحديد ( المُلحق ) الذي يستعرض الأحداث التي سبقت استقلال اليمن الجنوبي ، عسى أن ينال اهتمامكم بالنقد و النقاش الجاد و الهادف . أخوكم / أبو ملاك


الكتاب بعنوان :

(( اليمن الجنوبي ))

سياسياً و اقتصادياً و اجتماعياً

المؤلف : الدكتور / محمد عمر الحبشي

ترجمة :
الدكتور الياس فرح
الدكتور خليل احمد خليل


كلمة الناشر :

هذا الكتاب ( اليمن الجنوبي : سياسياً و اقتصادياً و اجتماعياً ) هو الأول من نوعه ، و هو يلقي أضواء كاشفة على جميع نواحي الحياة في هذه الجمهورية الجديدة التي قامت حديثاً . و لا يمتاز هذا الكتاب بوفرة معلوماته فحسب ، بل يمتاز أيضا بدقة المعلومات و شمولها . إنه كتاب هام عن منطقة عربية بدأت تحتل دوراً هاماً في الحياة السياسية العربية .

دار الطليعة للطباعة و النشر
بيروت
آذار ( مارس ) 1968م

.......................


( مُلحق )

الأحداث السياسية في فترة 1965 ـ 1967 م



إن ميزة هذه الفترة الأكثر بروزاً هي بدون شك الاتساع الذي أخذته الحركة الوطنية للتحرر مُعرِضة بذلك سياسة المملكة المتحدة في اليمن الجنوبي للفشل و مُبعدة قادة الاتحاد التقليديين . و قد آل النظام القائم إلى الزوال دون أدنى أسف .

1 ـ مؤتمر لندن في شهر ( أغسطس ) 1965 م .


في محاولة أخيرة لإنقاذ البناء الذي شُيد سنة 1959 من قبل المحافظين ، دعا العماليون في شهر أغسطس 1965 إلى عقد مؤتمر جديد في لندن ، اشترك فيه بالإضافة إلى البريطانيين و الزعماء التقليديين ، ممثلون عن حكومة عدن و سلطنات حضرموت و قادة حزب الشعب الاشتراكي و رابطة الجنوب العربي .

و كان الاجتماع يرمي إلى البحث عن الوسائل التي يمكن بواسطتها التقريب بين مواقف الأحزاب و الفئات المتنازعة محلياً بقصد تشكيل ( حكومة اتحاد وطني ) كانت المملكة المتحدة تنوي تسليمها السلطة في وقت لاحق . و كان قد ظهر على الفور أن الخلافات كانت بالغة العمق و أن المواقف متباعدة جداً حتى يكون ثمة أمل بالتوصل إلى حل تقبله كل الأطراف . كان العماليون و أصدقائهم يريدون في الحقيقة أن يبقى النظام الاتحادي كما هو بينما كان ممثلو المعارضة يطالبون بإصلاحات دستورية تتعارض مع مصالح الطرف الأول . و نظراً لعدم التمكن من إيجاد مجال للتفاهم لم يكن على الحكومة البريطانية إلا أن تتقبل مرة أخرى فشل مجهودها .

و في عدن ، دخلت الأزمة التي تعيش منذ عدة سنوات ، في مرحلة جديدة من التوتر ؛ فالحكومة العدنية التي كان يرأسها في تلك الفترة عبد القوي مكاوي ، عرفت تحولاً وطنياً واضحاً و رفضت مراعاة الاغتياظات البريطانية التي سببها الإرهاب . و بالرغم من شكوى علنية تقدم بها المندوب السامي ، أمتنع المكاوي عن إدانة الهجمات و الاعتداءات المرتكبة ضد الرعايا البريطانيين و بالأخص اغتيال رئيس المجلس التشريعي .

منذ ذلك الحين كانت أيام وزارة مكاوي معدودة . فبالاتفاق الضمني مع لندن أتخذ المندوب السامي في شهر سبتمبر 1965 القرار الخطير القاضي بتعليق دستور عدن ، و بتنحية حكومة مكاوي .

كان ذلك الأمر نهاية حقبة و بداية عهد جديد ستكون ميزته الأساسية التقدم المظفر للقوى الوطنية .



2 ـ نشأة جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل Flosy :

بالرغم من المقدرة على المقاومة بالقوة ، كان عبد القوي مكاوي و قادة حزب الشعب الاشتراكي لا يزالون يتحاشون اللجوء إلى القوة . في الحقيقة كانوا يحتفظون بأمل جر لندن إلى التعقل و الحكمة عن طريق الضغط و العمل السياسيين بالضبط . و لهذه الغاية ، جزئياً ، تم إنشاء منظمة التحرير سنة 1965 . و أما السبب الخفي الذي أدى إلى إنشاء هذه المنظمة ثم إلى إنشاء ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) فقد كان ، مع ذلك ، رغبة قادة حزب الشعب الاشتراكي في إنقاذ الجامعة النقابية ( المؤتمر العمالي العدني ) التي قوضتها جدياً ( الجبهة القومية للتحرير ) التي توصلت سنة 1965 إلى كسب ست نقابات من أقوى نقابات المنطقة إلى جانبها .

كانت منظمة التحرير تطمح منذ البدء إلى تجميع كل أحزاب المعارضة في داخلها . و قد نجحت في ذلك نجاحاً واسعاً في الظاهر على الأقل ، لان هذه الأحزاب ، باستثناء رابطة الجنوب العربي ، قد أُعجبت بضرورة التجمع و الانضواء ، حتى بضرورة الانصهار في منظمة واحدة تدعى من الآن فصاعداً ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) . كذلك وافقت رابطة الجنوب العربي على مبدأ الاتحاد لكنها رفضت أن تنحل في جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل .
إلا أن الحدث الأكثر أهمية و بروزاً كان دخول ( الجبهة القومية للتحرير ) في المنظمة الجديدة . و حسب أقوال بعض المراقبين ، يمكن أن يكون الدخول قد فرضه عليها مع ذلك بعض زعمائها الذين كانوا قرروا ، بمبادرتهم الخاصة ، إلزام ( الجبهة القومية للتحرير ) بدون استشارة قيادتها العليا . كذلك لم يكن هذا السراب من التعليل مقبولاً تماماً . فلم تلبث المنازعات أن ظهرت بجلاء .
كان قادة منظمة التحرير السابقة المتمرسين في العمليات السياسية و الميالين قليلاً إلى النضال المسلح الذي كانت ( الجبهة القومية للتحرير ) تقوده منذ اكتوبر1965 ، يريدون أن يكونوا رجال سياسة قبل كل شيء ، بينما كان قادة ( الجبهة القومية للتحرير ) يعتبرون أنفسهم كرجال فعل و عمل . هكذا كان مفهوم العمل الثوري الذي ينبغي الشروع به لتحرير البلد من النير الاستعماري يختلف كلياً من جماعة لأخرى .

في البداية كان القادة الوطنيون يبذلون جهودهم للهيمنة على الخلافات نظراً لما تقتضيه الأحوال . غير أن اختيارات و أمزجة مختلف الأطراف المعنية كانت متعارضة لدرجة أن التحالف العدني كان يعاني بشدة يقول زعماء ( الجبهة القومية للتحرير ) أنهم كانوا ينوون ليس فقط تحرير البلد و إنما تصفية الماضي أيضاً ، بينما كان زعماء ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) يعطون الأولوية ، على ما يبدو ، للتحرير السياسي . بعبارة أخرى ، كانت الخلافات تدور حول السياسة التي ينبغي نهجها ، بعد طرد الاستعمار و الرجعية أكثر مما كانت تدور حول نضال التحرير بمعناه الحقيقي . و تبدو هذه الخلافات كأنها تعبر دوماً عن الفرق الذي يفصل زعماء المنظمتين الوطنيتين المتنازعتين .
لكل هذه الأسباب فسخ التحالف الذي جرى في 13 يناير 1966 في ديسمبر من السنة ذاتها . استعادت ( الجبهة القومية للتحرير ) حرية عملها و كثفت نشاطها العسكري في مناطق البلد الداخلية و الأعمال الإرهابية في المراكز الحضرية . و في نفس الوقت قوت و وطدت أوضاعها في الجيش و الشرطة و النقابات و في صفوف المثقفين الشبان ، و ازداد تأصلها في الأرياف . و مع تبني هذا الخط القاسي عرفت الحركة الثورية تحولاً حاسماً .
أما ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) فقد أناطت نفسها بقيادة عسكرية مستقلة ( المنظمة الشعبية ) عهد اليها برعاية النضال المسلح ، و بمكتب سياسي يقع العمل السياسي على عاتقه . و قد ضاعفت مجهودها على الصعيد الداخلي و بذلت نشاطاً دبلوماسياً واسع النطاق في الخارج و بالأخص في هيئة الأمم المتحدة .



3 ـ بعثة هيئة الأمم المتحدة

كانت مشكلة اليمن الجنوبي ، منذ عدة سنوات ، تطرح بانتظام أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة . و قد بحثتها الجمعية العامة مرة أخرى في دورتها السنوية لعام 1966 . و في نهاية تلك المناقشات ، صوتت الجمعية العامة على قرار يطلب من الأمانة العامة إرسال بعثة خاصة إلى عدن لدرس رغبات السكان و للتشاور حول إجراءات حصول البلد على الاستقلال . و وعدت المملكة المتحدة بالتعاون مع البعثة .
و في شهر مارس 1967 ، توقف أعضاء البعثة الثلاثة ، و هم في طريقهم إلى عدن ، في لندن و القاهرة و جدة للاتصال بالسلطات الرسمية و بممثلي المعارضة . استقبلتهم القاهرة استقبالاً بارداً . و كانت ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) و ( الجبهة القومية ) تتهمان البعثة علناً بأنها تلعب لعبة الاستعمار و الرجعية و قررتا تجاهل وجودها في عدن . و لدى وصولها إلى منطقة عدن قامت الجبهتان بموجة اضرابات و مظاهرات و صعّدتا الأعمال الإرهابية ضد الجيوش الإنجليزية حتى تظهر للبعثة عداء السكان لها و تبرهنا لها على قوتهما .

من جهة أخرى كانت ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) تطالب ، قبل البدء بأية محادثات ، باعتراف البعثة بها كممثل وحيد لشعب اليمن الجنوبي . و أما ( الجبهة القومية ) التي لم تكن تنعت نفسها بتفرد كهذا ، فقد قاطعت البعثة و رفضت كل مزاعم ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) . و خلال الإقامة القصيرة لممثلي هيئة الأمم المتحدة في عدن ، كان خط قيادتها فطناً حقاً و لكنه صارم .
أخيرا لم تكن رابطة الجنوب العربي ، التي كان موقفها مشبوهاً و ضعيفاً منذ تفجير القنابل في حضرموت ، في وضع يسمح لها بمجابهة التيار المعادي للبعثة و حتى بالإعراب عن وجهات نظرها لأعضاء البعثة . و بكل وضوح ، تجاوزتها الأحداث تجاوزاً كاملاً .

من الجانب البريطاني بذلت سلطات عدن كل ما في وسعها لعزل ممثلي هيئة الأمم المتحدة ، بقصد إفشال مهمتهم . و كان التكتيك المتبع يقوم على جعل المنظمة الدولية تعترف بعدم مقدرتها على حل المشكلة و على جرها للاعتراف بشرعية النظام الاتحادي . و مع ذلك لم تخف نوايا هذا التكتيك على أعضاء البعثة و لا على الوطنيين . فأماط أعضاء البعثة و الوطنيون اللثام ، بنجاح ، عن مؤامرة السلطات الاستعمارية .

و بالتالي ، تنبهت البعثة بسرعة إلى أن وعود حكومة لندن و نواياها الحسنة كانت كاذبة . و أعطي لها الدليل على ذلك عندما قامت السلطات الاتحادية ، الخاضعة مع ذلك للمندوب السامي ، بمنع رئيس البعثة من الظهور على شاشة التلفزيون ليتحدث إلى السكان و إلى ممثليهم الفعليين ، و منع قراره و بيانه بحجة أنه تجاهل الحكومة الاتحادية . عندئذ قام بمسعى آخر لدى المندوب السامي للأذن للبعثة بذلك ، غير أن هذا الأخير رفض أن يتدخل . فأنذرته البعثة بنتائج رفضه غير أن الإنذار لم يؤخذ بعين الاعتبار . و لم يكن أمامها آنذاك إلا أن تغادر عدن . و قد أثار سفرها المفاجئ ضجة كبيرة في العالم . و قد ضايقت الفضيحة حكومة ويلسون التي وجدت في شخص المندوب السامي المسؤول كبش محرقة ممتازاً . و مع ذلك فهو لم يقم إلا بتنفيذ الأوامر التي تلقاها . و هكذا تمكنت الوزارة من إنقاذ ماء وجهها .

كان يظن في البداية أن لندن تتظاهر بالرد لتغرر بالرأي العام البريطاني و العالمي فقط ، في الحقيقة كانت عازمة فعلاً على وضع حد نهائي لمشكلة اليمن الجنوبي .



..... يتبع .....
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-14-2005, 10:16 AM
عضو نشط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 79
افتراضي

4 ـ سياسة لندن منذ سفر البعثة المفاجئ .


في شهر أبريل سنة 1967 ، قامت لندن بتعيين اللورد شاكلتون ليتفحص الوضع عن كثب ، و في شهر مايو تم تعيين مندوب سامي جديد ليقوم بتنفيذ التوجيهات المعطاة له . و المندوب السامي السير هامفري تريفليان هو دبلوماسي محترف يعرف العالم العربي معرفة جيدة .

مشاهداً فشل سياسة حكومته ، أوصى المبعوث الخاص بتزايد و اضطراد المسار الاستقلالي ، نظراً لان قاعدة عدن لم تعد لها أهمية بالنسبة لإنجلترا منذ أن تقرر الجلاء عنها في شهر فبراير 1967 . و أسرعت لندن في تبني توصيات الوزير المكلف و أعطيت الأوامر للسير هامفري تريفليان لوضع حد ، في أسرع وقت ممكن و بكل الوسائل ، للوجود البريطاني في اليمن الجنوبي . و أول قرار جرى اتخاذه كان تحديد تاريخ استقلال البلد . و قد تم اختيار التاسع من يناير 1967 كيوم حصول اليمن الجنوبي على السيادة الدولية .
من الآن فصاعداً ، ستمضي الأحداث السياسية في الاضطراد على وتيرة غير معتادة . فقد تفكك النظام الاتحادي على أثر تمرد 20 يونيو 1967 . و كمحاولة أولى ، أشار المندوب السامي على المجلس الاتحادي الأعلى أن يعين حسين بيومي ، وزير الإعلام ، لتشكيل حكومة جديدة ينبغي عليها أن تظم عناصر يتقبلها الوطنيون . و كانت مهمة كذلك معرضة للفشل مسبقاً لأنه لم يكن من الوارد أن يؤيد الوطنيون حكومة تترأسها شخصية من النظام الاتحادي . و من جهة أخرى ، عندما قدم بيومي لائحته ، رفضها المجلس الأعلى دونما تردد لأنها كانت تظم شخصيات جامحة لا يوافق عليها حتى الزعماء التقليديين دون أن نتحدث عن موافقة المنظمات الوطنية عليها .

و للنطق بالحقيقة ، لم يكن رفض التشكيلة في الواقع سوى السبب الظاهري لفشل مهمة بيومي ، كان السبب الحقيقي هو الاقتراح الذي قدمه بيومي مع موافقة البريطانيين إلى سلاطين لحج و الفضلي و الدول و الإمارات الأكثر اقتراباً من عدن . لقد اقترح عليهم ، في الحقيقة ، إنشاء دولة موحدة تضم بالإضافة إلى عدن ، سلطنتي العوذلي و الفضلي . و ليجعل مشروعه جذاباً أكثر ، أعلمهم أن الحكومة البريطانية كانت مستعدة للاعتراف بالدولة الجديدة و لإناطتها بمساعدة مالية و عسكرية . بعبارات أخرى ، طلب منهم أن يعلنوا انسحاب إماراتهم من الاتحاد ، و ضمن لهم دعم المملكة المتحدة سياسياً و مالياً . و عندما أطلع القادة الآخرون في الاتحاد على هذه المؤامرة الموجهة ضدهم ألغوا تكليف بيومي و شهّروا به علناً . إلا أن إجهاض هذا المشروع ذي الإيحاء البريطاني ورطهم .

و أتاح وصول بعثة الأمم المتحدة إلى جنيف في شهر أغسطس فرصة ممتازة أمام المندوب السامي ليتخلص بصورة نهائية من الزعماء التقليديين المضايقين . و بناء على طلبه سافرت أكثريتهم إلى سويسرا لمقابلة أعضاء البعثة . و بعد أن استمعت البعثة إليهم سافرت إلى بيروت و القاهرة على أمل التمكن من رؤية ممثلي ( الجبهة القومية للتحرير ) و ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) . و وافقت الأخيرة التي بدأت تظهر دلائل ضعفها ، على مقابلة البعثة بينما أنكرت ( الجبهة القومية ) حق البعثة في مناقشة مشكلة اليمن الجنوبي . عندئذ توجب على البعثة أن تعود إلى نيويورك لتقدم تقريرها إلى الأمانة العامة لهيئة الأمم المتحدة .

و في البلد ، سلكت الأحداث منحى دراماتيكياً . ففي عدن تدهور الوضع بسرعة و بدأت ( الجبهة القومية ) في داخل البلد بزحفها على الإمارات . و في آخر لحظة أستنفر المجلس الأعلى الجيش لإنقاذ الاتحاد من الفوضى ، فرفض الجيش أن يتدخل و رد بجفاء طلب رئيس المجلس الأعلى الذي طلب منه ، أن يتسلم السلطة بلا شرط و لا استثناء . و لم يلبث النظام الاتحادي أن سقط تاركاً وراءه فراغاً كاملاً و مطبقاً .

و علمت الحكومة البريطانية بهزيمة السلطة الاتحادية فتوجب عليها أن تعترف رسمياً في بيان مهم ، بالقوى الوطنية كالممثل الوحيد لشعب اليمن الجنوبي . و في نفس الوقت دعا المندوب السامي الزعماء الوطنيين إلى التباحث حول شروط تسلم السلطة . و حسب مصادر مطلعة بوجه عام ، نبههم إلى أنهم إذا لم يعزموا على إجراء المباحثات المطلوبة خلال شهرين من 3 سبتمبر إلى 3 نوفمبر 1967 ، فان حكومته ستتخذ الإجراءات اللازمة . إلا أنهم منحوا مهلة أسبوع للتفكير قبل أن تتخذ تلك الإجراءات .

و تعني لندن ، على ما يبدو ، بالقوى الوطنية الجبهة القومية للتحرير و جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل . و أما نداء المندوب السامي فقد اعتبر بوجه عام موجهاً لزعماء المنظمتين . و في كل حال ستحاول كل منظمة من الآن فصاعداً أن تقوي وضعها محلياً على حساب المنظمة الأخرى في اغلب الأحيان ، بقصد التباحث انطلاقاً من وضع قوي . و في هذا السباق مع الزمن ، توصلت ( الجبهة القومية للتحرير ) التي سبقت جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل منذ شهر يوليو في وقت قياسي إلى نشر نفوذها على معظم دول الإمارات في الاتحاد و كذلك على حضرموت .

و استجابة لرضا السلطات الاستعمارية و العسكرية البريطانية ، أدى هذا التسابق إلى اصطدامات دموية بالأخص في لحج و دار سعد و الشيخ عثمان التي صارت أخيرا تحت إشراف الجيش العربي .

نُصّب الجيش بادئ ذي بدء حكماً بالرغم عنه ، ثم ظهر كقوة ثالثة . و هكذا تم دخوله إلى المسرح السياسي ، الأمر الذي يعرضه لمخاطر الانقسام و يجعل منه هدفاً سهل المنال من قبل هجومات و انتقادات الفئات الأولى و الفئات الأخرى .

كانوا يقولون أنه كان من الأفضل أن يظل الجيش بعيدا عن المشاحنات السياسية و الصراعات التحيزية . و لكن هل كان للجيش أن يختار في الواقع ؟ و في اختلاطها ، سارعت السلطات البريطانية في إخلاء المدن و القرى التي جلت عنها جيوشها ، أمام الجيش الوطني . و كان على الجيش عندئذ أن يعمل على استتباب الأمن في هذه المراكز المعرضة كثيرا للإرهاب و الرعب . و كيف كان يمكنه رفض القيام بهذه المسؤولية الأولية . فبانتظار عقد المصالحة الوطنية ، كان الجيش وحدة ، في الحقيقة ، في وضع يسمح له بمواجهة المشاكل التي كان يطرحها استتباب الأمن . و كان الوطنيون ، مع وعيهم لخطورة وضعهم ، لا يبحثون من جهة أخرى عن التعارض معه حتى يتجنبوا إراقة الدماء و يوفروا على المواطنين آلاما إضافية لا تجدي .



..... يتبع .....
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-14-2005, 10:17 AM
عضو نشط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 79
افتراضي

--------------------------------------------------------------------------------

5 ـ صعود الجبهة القومية للتحرير Nlf

تأسست الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل في 14 أكتوبر 1963 ، و كانت المحرك الحقيقي للتمرد المسلح في قبائل ردفان و لإحداث الثورة بوجه عام .

و حتى نشأة ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) كانت ( الجبهة القومية للتحرير ) تتمتع بدعم الجمهورية العربية المتحدة التي كانت تقدم لها مساعدة مادية لا تُقدّر . و منذ ذلك الحين سيتجه تأييد الجمهورية العربية المتحدة إلى جانب ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) وحدها . و أخذت ( الجبهة القومية للتحرير ) تبتعد قليلاً عن القاهرة غير أنها حرصت على عدم قطع علاقتها مع مصر و على عدم مهاجمتها .

و أدى تبدل التحالفات إلى إضعاف وضعية ( الجبهة القومية للتحرير ) بالأخص في الخارج حيث يتمتع خصمها بشهرة واسعة . مع ذلك ، عرفت ( الجبهة القومية للتحرير ) أن تعوض عن هذه الخسارة بتقوية وضعها في الداخل . و منذ عام 1965 ، نجحت في التغلغل في الحركة النقابية و في الجيش . و يعود صعودها إلى هذه السنة بالضبط . و حتى عام 1966 كان تقدمها بطيئاً و لكنه متواصل . غير أن عام 1967 كان حاسماً . فتمرد الجنود و الشرطة الذي حدث في 20 يونيو 1967 و الذي جعل ( الجبهة القومية للتحرير ) و جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل تسيطران على مدينة كريتر طيلة أسبوعين تقريباً ، قوى مجدداً نفوذ ( الجبهة القومية للتحرير ) . غير أن إخلاء العائلات المسيطرة ، فجأة عن اقطاعاتها منذ شهر أغسطس هو الذي فرض ( الجبهة القومية للتحرير ) بصفة نهائية و جعل منها المتباحث الأكثر قوة مع الحكومة البريطانية .

كما كان ينتظر ، أثار صعود ( الجبهة القومية للتحرير ) المفاجئ الصاعق تعليقات و توقعات مغرضة لا تعد . فقد اشتبه أولاً بالجبهة القومية للتحرير ، ثم اتهمت علناً بالتعاون و بالتآمر مع السلطات الاستعمارية . و كانت هذه الحملة ترمي إلى التشكيك بالجبهة القومية للتحرير أمام السكان و العالم العربي و إلى إذكاء الحرب الأهلية ؛ و هكذا ألقت زيتاً على النار .

و في الحقيقة يمكن تفسير سقوط الأنظمة الإقطاعية و اعتباراً من ذلك التقدم المظفر الذي أحرزته ( الجبهة القومية للتحرير ) في داخل البلد بالأمور التالية :

( أ ) ـ عندما قرر البريطانيون سحب جيوشهم من داخل البلد في بداية عام 1967 ، حكموا بالموت الأكيد على أنظمة الأمراء . فقد تخلى عن الأمراء أصدقاؤهم الإنكليز كما تخلت عنهم قبائلهم الخاصة بهم . هكذا سقطت إماراتهم كأوراق الخريف بلا قتال تقريباً .

( ب ) و أما رفض الجيش الاتحادي إغاثة الأنظمة الأميرية المهلهلة ، فلم يكن أمرا مفاجئاً لان وضع الأمراء و الشيوخ كان قد أصبح غير مقبول و لان قسماً كبيراً من الضباط كان يعطف على الحركة الوطنية .

( ج ) ـ أخيراً ، ثمة حدث مهم يستحق الذكر هنا . و المقصود بذلك هو التنظيم المرموق في ( الجبهة القومية للتحرير ) و تأصلها الصلد في الأرياف . إن فعالية و نفاذ جهازها هي التي كونت و لا تزال تكون قوة الجبهة .

و هكذا ، فمن جلي الأمور هو أننا لا نستطيع أن نتجاهل هنا الإشراف شبه الفعلي الذي تمارسه ( الجبهة القومية للتحرير ) على القسم الأعظم من اليمن الجنوبي . بفضل هذا الإشراف ، خضع البلد ، لأول مرة في التاريخ ، لسلطة واحدة .
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-14-2005, 10:18 AM
عضو نشط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 79
افتراضي

6 ـ تأثير النكسة العربية في حزيران 1967 على تطور الوضع في اليمن الجنوبي .

إن مؤتمر القمة العربي الذي عقد في الخرطوم في شهر أغسطس 1967 قد كرس انتصار الاعتدال العربي ؛ و كان المؤتمر أحدى النتائج لنكسة حزيران التي ضربت الحركة التقدمية في الشرق الأوسط .
و قد تضررت الجمهورية العربية المتحدة تضرراً خطيراً من العدوان الإسرائيلي فأصبحت مجبرة على التعاون مع الأنظمة المعتدلة ، و مقابل المساعدة المالية من العربية السعودية و الكويت و ليبيا توجب عليها أن تنسحب من جهات متعددة . و من بين الدلائل الكبرى لهذا الانسحاب ، لن نذكر هنا سوى بالدلائل المتعلقة مباشرة بالجنوب العربي . فمن جهة انسحاب القوات المصرية اللا مشروط تقريباً من اليمن ( اتفاق جمال عبد الناصر ـ و فيصل ) و من جهة أخرى المجهود الذي تبذله جامعة الدول العربية في سبيل المصالحة الوطنية في اليمن الجنوبي . إن نهاية الوجود العسكري المصري و محاولة التنظيم العربية كان لهما نتائج تتعارض مع أوضاع القوى الوطنية في الجنوب اليمني .


( أ ) المجهود الذي بذلته الجامعة العربية في سبيل المصالحة :

تحت ضغوطات مجتمعة من جانب الجمهورية العربية المتحدة و العربية السعودية ،عينت الجامعة العربية في سبتمبر 1967 ، لجنة خاصة مؤلفة من خمسة أعضاء مهمتها درس الوسائل لتحقيق الوحدة الوطنية في اليمن الجنوبي . و أخذت اللجنة الوطنية على عاتقها الاستماع لكل الأحزاب و الفئات بما في ذلك الأمراء المخلوعين ، و العمل بغية تشكيل حكومة اتحاد وطني .

و بالطبع كانت العناصر المعتدلة و التقليدية التي تحميها العربية السعودية و التي كانت تقدم لها الجامعة العربية آخر خط في البقاء ، هي أول من سافر إلى القاهرة . و اتخذت ( جبهة تحرير جنوب اليمن ) موقفاً تصالحياُ و وافقت على الاشتراك في محادثات اللجنة الخاصة . و أما الجبهة القومية للتحرير فقد رفضت بتاتاً توسط الجامعة العربية الذي اعتبرته ، بحق ، مؤامرة موجهة لحرمانها من النصر . بالإضافة إلى ذلك فقد كانت مستعدة كحد أقصى لمقابلة زعماء جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ، و لهذا السبب لم تحقق أعمال اللجنة الخاصة أدنى تقدم . ومن جهة أخرى أدى فتح باب المحادثات بين جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل و بين الجبهة القومية للتحرير إلى وقف تلك الأعمال .


( ب ) أفول نجم جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل :

كانت جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل قد بدأت تفقد سرعتها و تطورها منذ يونيو 1967 ؛ فضعف الجمهورية العربية المتحدة الناجم عن الحرب العربية الإسرائيلية و التقدم الهام الذي حققته الجبهة القومية للتحرير في داخل البلد ، وجها لجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ضربة قاسية ، و عبثاً حاولت جبهة التحرير أن تستعيد توازنها لأن الأوان قد فات .

في الحقيقة كانت جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل تبحث عن الاستيلاء على الدول الأميرية غير المتحررة بعد . فاصطدمت بالجبهة القومية للتحرير في إمارات الضالع و لحج و توصلت فقط إلى نشر نفوذها على بعض القبائل العوذلية . و في سلطنتي الواحدي و الكثيري أعلنت العناصر التقليدية حتى تكون في مأمن من هجمات الجبهة القومية للتحرير ، انتمائها إلى جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل دون أن تكون مع ذلك من الأنصار المقتنعين بهذه الأخيرة . و حصلت الاصطدامات الخطيرة في عدن و بالأخص في القرى و الضواحي . سقطت عدن الصغرى في أيدي الجبهة القومية و المنصورة تحت إشراف جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل بينما كان الشيخ عثمان عرضة لتقسيم حقيقي بين المنظمتين .

سببت هذه الاصطدامات الحزن المبرح العام و استاءت منها كل قطاعات السكان بالإجماع . و شرع رجال الدين و العسكريون بمساعي عديدة لدى الزعماء الوطنيين و الرئيس جمال عبد الناصر لوقف التصادم الأخوي القاتل . و في هذه الظروف المأساوية
وافقت المنظمتان على إجراء محادثات فيما بينهما .


7 ـ محادثات القاهرة :

بعد أن فشلت جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ( جبهة التحرير ) في تصحيح الوضع لصالحها ، توجب عليها أن تلين مواقفها السابقة . فقد انقطعت عن اعتبار نفسها الممثل الوحيد لشعب اليمن الجنوبي و تخلت عن مشروعها الرامي إلى تشكيل حكومة في المنفى . و عدا عن ذلك ، ظهرت موافقة على بعثة هيئة الأمم المتحدة و على اللجنة الخاصة الموفدة من قبل الجامعة العربية . باختصار ، أعطت عدة دلائل على ضعفها . إلا انه ظل بيدها عدد لا ينكر من المقومات أهمها : جهازها العسكري و نفوذها في عدن و تأييد الجمهورية العربية المتحدة و العطف الدولي من جهة أخرى .

و هكذا كانت أوضاع الجبهتين غير متعادلة عشية بدء المحادثات في القاهرة . كان ميزان القوى يميل بكل وضوح لصالح الجبهة القومية للتحرير . أن حالة الدونية هذه التي كانت فيها جبهة التحرير ستضغط بثقل على المحادثات .


( أ ) ـ بدء المباحثات .

بدأت المباحثات في أول أكتوبر بحضور عبد القوي مكاوي و قحطان الشعبي الأول رئيس وفد جبهة التحرير و الثاني رئيس وفد الجبهة القومية . و كانت النقاط التي ينبغي على الموفدين مناقشتها تدور حول :

ـ تشكيل حكومة مؤقتة ،

ـ وضع دستور مؤقت أيضاً ،

ـ و وضع برنامج عمل .

منذ البداية ، أحيطت المحادثات بتكتم شديد . و كان يظن أنها ستكون قصيرة جداً و حاسمة بسبب استمرار التوتر المحلي . و خاب أمل الجميع ، لأنهم ظلوا يتباحثون طيلة أسبوعين تقريباً بدون أية نتيجة مجدية .

و خلال ذلك الوقت استولت الجبهة القومية على حضرموت و هددت إمارتي العولقي و الواحدي اللتين كانتا قد أعلنتا ، مع ذلك ، ولاءهما لجبهة التحرير . غير أن الجبهة القومية قررت تحرير هذه الدول لأنها كانت تعتبرها كآخر بؤر مقاومة لدى الإقطاعيين .

و في هذا الجو المتوتر أذاع الضباط المنتمون إلى جبهة التحرير بياناً شهيراً في 20 أكتوبر يتهمون فيه السلطات البريطانية و بعض رفاقهم في الجيش بمعاونة الجبهة القومية لخنق مقاومة أنصار جبهة التحرير . و بهذا التغير المفاجئ حصل ما لا يمكن إصلاحه . فالجيش الذي تعرض بذلك لتناقضات السياسة انقسم إلى كتلتين متخاصمتين . و شبت حرب بيانات تتهم الجبهة القومية و جبهة التحرير بعضهما البعض بهجومات و استثارات مقصودة ، بينما كان زعماء الجبهتين في القاهرة يظهرون سكوتاً مدهشاً . و استمرت الوضعية الداخلية في التدهور . و كان من الضروري فرض قرار طارئ لتخفيف التوتر و للإجابة على المندوب السامي الذي يكاد إنذاره أن ينتهي .

أعلنت لندن ، لإخضاع الزعماء الوطنيين ، أنها ستذيع بياناً هاماً جداً في 2 نوفمبر . و كانت ردة فعل الزعماء الوطنيين سريعة للغاية ؛ فقد أعلنوا في 1 نوفمبر اتفاق أولي و لكنهم لم يعطوا أي توضيح بشأن محتواه . غير أن المحادثات دخلت في طورها الأخير ؛ و قد استقبل الاتفاق في عدن بسرور عظيم .

و في 2 نوفمبر أعلن وزير الخارجية في مجلس العموم ان حكومته قد قررت تقديم تاريخ استقلال اليمن الجنوبي هذا ، إلى نهاية نوفمبر 1967 بدلاً من 9 يناير 1968 . و أدى إعلان رحيل البريطانيين القريب إلى تصعيد التوتر من جديد .


( ب ) ـ تدهور الوضعية .

في ليلة الثاني من نوفمبر عادت المنازعات بعنف في عدة أماكن من عدن و أدت إلى سقوط بضع عشرات من الضحايا . و هيمن الخوف و اليأس على العائلات في الشيخ عثمان ، و بسرعة دب الهلع في باقي عدن حيث دارت معارك ضارية . و تدخل الجيش ، دونما نجاح ، للتوصل إلى توقف المعارك و أخيرا اضطر للأمر بوقف إطلاق النار على الفور و فرض منع التجول في المناطق المضطربة .

و في 4 نوفمبر وجه زعماء الجبهة القومية و جبهة التحرير نداء مؤثراً من القاهرة إلى أنصارهم يدعونهم فيه إلى وقف الاقتتال . و بعد هدنة دامت بضع ساعات ، عادت الصدامات إلى الظهور برعب ، و كانت نتيجتها تسميم الجو أكثر مما كان عليه . و اتهمت الجبهة القومية جبهة التحرير بانتهاك وقف إطلاق النار و طلبت من وفدها في القاهرة أن يوقف المباحثات و أن يعود إلى البلاد .

على اثر هذه الأحداث الدامية ، حمل الجيش جبهة التحرير مسؤولية الرجوع إلى المخاصمات . بناء على ذلك ، قرر المندوب السامي في 6 نوفمبر الاعتراف بالجبهة القومية كممثل شرعي وحيد للشعب اليمني الجنوبي بينما كان يعتبر ، قبل أسبوع فقط ، الجبهة القومية و جبهة التحرير هما الممثلان للشعب . و في ذات الوقت طلب الجيش من الجبهة القومية و من الحكومة البريطانية أن تبدءا المحادثات في اقصر فترة . إن موقف الجيش قد حل الصراع بشكل نهائي لصالح الجبهة القومية و تسبب هكذا في إفشال مباحثات القاهرة التي أصبحت غير مجدية و متجاوزة . و بادرت جبهة التحرير إلى اتهام الجبهة القومية بالتآمر مع المملكة المتحدة و مع الجيش .

خلف كل هذه الأحداث و الاصطدامات نجد بكل تأكيد الصراع من اجل السلطة في عدن و الرغبة في التباحث مع لندن بوضع قوي . و بالتالي ، كان من الجلي أن المنظمتين كانتا تعتمدان قليلاً على مباحثات القاهرة و تعطيان أهمية رئيسية للاستيلاء على عدن .

هيمنت الجبهة القومية على كل البلد تقريباً و وجدت أنه من غير الطبيعي أن تفلت عدن من نفوذها . و أما جبة التحرير فقد كانت عدن بالنسبة إليها ذات أهمية حياتية . فالإشراف على منطقة عدن كان أهم بكثير من السيطرة على مناطق البلد الداخلية . و هكذا كان الاستيلاء على عدن مسألة حياة أو موت بالنسبة لجبهة التحرير .

و بعد عدة أيام من المعارك الطاحنة خسرت جبهة التحرير معركة عدن ؛ و على الفور بدأت مطاردة أتباعها و مناضليها . و تبع ذلك تطهير الجيش و الشرطة و الإدارة .


8 ـ سقوط النظام الاستعماري :

إذن خرجت الجبهة القومية منتصرة من التصارع الدموي الذي دام من 1 إلى 6 نوفمبر ؛ و بسقوط عدن صار البلد كله تقريباً تحت إشرافها ؛ و سقط النظام الاستعماري كقلعة من الورق . إن وجود المندوب السامي و توقف الجيوش هما ظواهر السلطة الاستعمارية الوحيدة و الأخيرة . و أما الإدارة البريطانية فقد تلاشت بسرعة .

بحثت الجبهة القومية ، بسرعة ، عن سد الفراغ و ذلك بحلولها محل السلطة الاتحادية في عدن و في داخل البلد .

و لأول مرة في التاريخ الاستعماري تتخلى المملكة المتحدة عن القيام بمسؤولياتها . و في فلسطين بالذات كان ينبغي عليها أن تبقي سلطتها حتى يوم الرحيل النهائي . إن حلول سلطة الجبهة القومية مكان النظام الاستعماري تستحق أن يشار إليها بشدة . فلم تقبل السلطة الاستعمارية في أي مكان من العالم ، بأن تقوم بتلاش و اختفاء مماثل قبل تسليم السلطة و إعلان الاستقلال . و مع ذلك هذا هو ما حدث في اليمن الجنوبي . و في هذه الظروف إذا كان للمباحثات بين الحكومة البريطانية من جهة و بين الجبهة القومية من جهة أخرى ، المقررة في 20 نوفمبر في جنيف ، لها معنى ما ، فهو إناطة الدولة اليمنية الجنوبية بصلاحيات السيادة الخارجية و تحديد مقدار المساعدة المالية البريطانية للدولة المستقلة الجديدة .

و كل شيء يبدو مشيراً إلى أن البلد سيحصل في 30 نوفمبر على الاستقلال في الصفاء و الوحدة . مع ذلك ، سيطرح الحصول على الاستقلال مشاكل بالغة التعقيد تستلزم وقتاً طويلاً لحلها . و لا يمكن لتغير و لو جزئي في البنى الموروثة من الماضي و لإنشاء بنى جديدة أن يتم دفعة واحدة نظراً لأن ظروف الانطلاق ستكون غير مواتية بصفة خاصة .


عدن ـ في تشرين الثاني ، ( نوفمبر ) 1967
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 11-14-2005, 10:20 AM
عضو نشط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 79
افتراضي

--------------------------------------------------------------------------------

( الفصل الخامس )

حركة التحرر الوطني


إن النضال المعادي للاستعمار ، لم يأخذ شكله المنظم في اليمن الجنوبي إلا بعد الحرب العالمية الثانية . فقد اشتعلت الحركة الوطنية بعد الحرب في أنحاء مختلفة ما تزال تحت السيطرة الاستعمارية .

و هذه الفترة تقابل الفترة التي قامت فيها جامعة الدول العربية و ظهرت فيها ملامح اليقظة القومية في الوطن العربي ، و
أصبحت فيها قوى المعسكر الاشتراكي في ازدياد .

فعلى الصعيد المحلي ، رافق نهضة عدن من الناحية الاقتصادية ، اشتداد النشاط السياسي و الثقافي . و بدأت الأفكار الجديدة تغزو البلاد بسرعة كبيرة .

و قد كان لهذه العوامل المختلفة أثر هائل على الوضع الاجتماعي و السياسي في اليمن الجنوبي و في اليمن . و قد كانت محاولة الانقلاب ضد الحكم المطلق الذي يتصدره الإمام يحيى في اليمن عام 1948 أول صدى لانعكاس الحوادث الخارجية على الوضع الداخلي في المنطقة . و على الرغم من فشل هذه المحاولة ، فإنها اعتبرت أول مواجهة جدية بين الرجعية المسيطرة و بين النزعة القومية ، و كان من نتائجها المباشرة تنبه الطليعة المثقفة في المستعمرة و شعورها بانتمائها إلى العائلة اليمنية الكبرى و إلى القومية العربية . و قد أكد هذا الشعور استقرار المحرض الأول على الانقلاب الفاشل ( حزب اليمن الحرة ) في عدن .

و قد كانت السلطات البريطانية تأمل في أن تتخذ من هذه الحركة وسيلة لمحاربة الإمام الجديد و الضغط عليه . إلا أن هذه المنظمة خيبت أملها و لعبت على العكس دوراً رائداً في حركة تحرير اليمن الجنوبي ، و ساهمت في تشكيل الخميرة الأولى للنزعة الوطنية المعادية للاستعمار .

نشأة الحركة الوطنية :

كانت ثورة الأمير الكثيري المسلحة ابن عبدات (1) ضد السلطات المحلية و البريطانية أثناء الحرب العالمية إعلانا عن ولادة حركة وطنية في حضرموت .

إلا انه على الرغم من كونه قد نجح في إثارة قسم من القبائل عام 1945 ، فقد أخذت حركته منذ البدء شكل تيار معزول و محدود النطاق . فقد كان للتكوين العشائري للمجتمع و لتخلف السكان أثرهما في خنق آثار هذه الحركة و عدم شمول تأثيرها باقي أنحاء البلاد . يضاف إلى ذلك عدم وجود وسائل مواصلات و اتصال في ذلك الحين من شأنها أن تشجع انتشار الشعور الوطني بدلاً من العزلة و التقوقع و التجزئة . لذلك لم يحتاج الإنجليز في مثل هذه الشروط إلى بذل عناء كبير في سبيل خنق هذه الاندفاعات الوطنية في مهدها .

و كان لا بد أن يأتي عام 1948 حتى تشتعل جذوة الوطنية من جديد في عدن هذه المرة . و الحقيقة أنه ما من شيء قبل ثورة اليمن ، كان يدعو إلى التنبؤ بأن عدن سوف تصبح مركز الاندفاعات الوطنية . فمنذ تلك الحادثة الرئيسية التي هزت الجزيرة العربية ، بدأت عدن تلعب دور قيادة الصراع المعادي للاستعمار و المعادي للإقطاع . و عندئذ ولدت حركة وطنية بكل ما في الكلمة من معنى في المنطقة . و استفادت من الانحسار الخجول للنظام الاستعماري بدءاً من عام 1947 و إنشاء المجلس التشريعي و سن القانون الذي اعترف بحرية التجمع و لعدة أسباب ، منها سياسية و منها اقتصادية ، انقسمت الحركة الوطنية منذ البدء إلى عدة اتجاهات تنتمي جميعها إلى القومية العربية .
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 11-14-2005, 10:21 AM
عضو نشط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 79
افتراضي

و قد لعب المثقفون دور المحرك الرئيسي للحركة الوطنية ، و كانوا من وراء ذلك يهدفون إلى غايتين أساسيتين :

1 ـ تربية المواطنين العرب تربية سياسية و اجتماعية .

2 ـ تحرير البلاد .

و كانوا في غالبيتهم صحفيين و أساتذة و خريجي جامعات ، تلقوا تعليمهم في الخارج ، و كانت الصحافة و النوادي و الجمعيات و الرابطات بمثابة منابر لهم . و عنها انبثقت الأحزاب و النقابات العمالية فيما بعد .

و لقد ركزت الصحافة المحلية على العامل الاقتصادي بسبب النهضة التجارية في المنطقة . و قد مارست الصحف المتطرفة أمثال صحيفة النهضة و صحيفة الفضول ، عملية تربية اجتماعية عن طريق نشر الموضوعات الخاصة بالعمال و بأرباب العمل . و ما لبثت الصحف المعتدلة الموالية للإنجليز أن سلكت نفس المسلك أمثال صحف فتاة الجزيرة ، و القلم ، و العدني . و قد استخدمت السلطات هذه الزمرة الأخيرة من الصحافة من اجل إجهاض الحركة والحيلولة دونها و دون التزام خط تقدمي . إلا أن خط الحركة الوطنية الصاعد لم يكن يقبل التراجع أو النكوص . و بفضل هذه الحركة الوطنية بدأ الوعي الاجتماعي و السياسي و الحس المدني و الحضاري ينمو بين سكان المدن . و قد بدأت حملة التوعية بقسم من المثقفين لتشكيل طليعة تتولى هي نفسها نشر الأفكار و الشعارات بين جماهير العمال الأميين بوجه عام . أما ما يتعلق بالعمل العمالي الصرف فقد كانت نوادي المثقفين و المغتربين العائدين إلى البلاد هي مراكز الانطلاق الرئيسية (2) .

إن ظهور النوادي و الجمعيات و ازدهارها ، قد أعطى للحياة السياسية طعماً جديداً . فالطبقة المثقفة كانت تلتقي داخل المنظمات الرياضية و الثقافية و الفنية و في العديد من جمعيات الإحسان ، لتناقش قضايا المنطقة و مصيرها في المستقبل . و كانت هذه المراكز تجمع بين أشخاص أتوا من شتى آفاق المعمورة و من مختلف الأوساط ، تشغلهم جميعاً دراسة القضايا القومية و المسألة الوطنية . و أهم هذه المؤسسات في المستعمرة كانت :

ـ النادي العدني ، الجمعية الإسلامية ، الجمعية العدنية ، الاتحاد اليمني .

أما في المحمية ، فقد كانت :

ـ جمعية الإحسان الحضرمية ، النادي الشعبي في لحج .. الخ .

و كان المغتربون يترددون بدورهم على هذه النوادي و الجمعيات و كانوا يتحدثون عن الأحداث التي عاشوها خلال اغترابهم ، و كان بعضهم ممن أتوا من الشرق الأقصى قد شاركوا في الحركات الوطنية و الحركات الثورية في اندونيسيا و ماليزيا . و على سبيل المثال لعب المغتربون الحضرميون في جاوا دوراً سياسياً ذا طابع إصلاحي وحدوي (3) .

و قد كان ثمة مركزان من مراكز الاغتراب قد لعبا دوراً هاماً في تكوين الحركة الوطنية في اليمن الجنوبي هما : اندونيسيا و انجلترا .

ففي اندونيسيا كانت الجالية الحضرمية على احتكاك بالحزب الوطني الاندونيسي كما كانت على اتصال بالأحزاب اليسارية و بمختلف الأحزاب ذات الطابع الإسلامي . و كانت هذه الجالية تملك أفكاراً نيّرة متقدمة . إلا أنها ما لبثت أن كانت أول ضحايا الحركة الوطنية في اندونيسيا . فأضطر قسم كبير منهم إلى العودة إلى اليمن الجنوبي حيث شكلوا مجموعة نشيطة لها تأثير في الحركة الوطنية . ثم انضم إليهم المثقفون الذين تلقوا علومهم في جامعات البلاد العربية .

أما في إنجلترا ، فالمهاجرون كانوا يتمركزون بأعداد وفيرة في منطقة كارديف حيث كانوا يعملون بحارة أو عمالاً . و تبعاً لذلك نشأ احتكاك بينهم و بين الأوساط العمالية الإنجليزية أي مع حزب العمال و مع أفكاره السياسية ذات الطابع المعتدل و الليبرالي ، و مع الحركة النقابية . و قد ساهم العائدون من هذه المراكز مع العائدين من الشاطئ الفرنسي للصومال ( جيبوتي ) ، في تكوين الحركة النقابية في اليمن الجنوبي التي بدأت تتبلور منذ عام 1946 . و قد استمر تطورها على الصعيدين الاجتماعي و السياسي دون أن تصطدم بعقبة جديدة حتى عام 1952 . فقد مرت بالوطن العربي حادثة رئيسية ، هي قيام الثورة المصرية .

و قد ترك نجاح هذه الثورة و انتشار تأثيرها في الخارج أثراً كبيراً على مجرى الأمور . فكان من النتائج المباشرة لهذا كله أن دخلت الحركة النقابية في منعطف حاد . فقد أخذ الوضع السياسي شكله الواضح في اليمن الجنوبي ، و شهدت الموجة الوطنية تصدعاً حاسماً بين المحافظين و بين التقدميين . و منذ ذلك الحين أخذ كل تيار طريقه المعاكس للآخر .

فعلى النقيض مما حصل في عدد كبير من المستعمرات في القديم حيث كانت وحدة القوى الوطنية مسيطرة طيلة مرحلة التحرير ، نجد أن اختلاف الاتجاهات حال دون شعور التيارات المختلفة بالرابطة التي تجمعها على صعيد واحد و هي : وحدة الصراع ضد الاستعمار .

لذلك اتصفت الحركة الوطنية في اليمن الجنوبي بالانقسام و التشتت في الزمان و المكان . و كان ذلك سبباً من أسباب ضعفها . و يبدو في الظاهر إن تفسير هذه الظاهرة يمكن أن يتم بالرجوع إلى نقص الوعي السياسي لدى الجماهير و لدى القادة ، أو بالخصومات الشخصية . إلا أن المسألة في الحقيقة هي أعقد من ذلك . فاختلاف الأصول الاجتماعية لرواد الحركة الوطنية و عناصرها هو العامل الرئيسي . فالاختلافات من جهة ، كانت تدور حول مفهوم الصراع و وسائله . و من جهة أخرى كانت تدور حول الأهداف النهائية التي يسعى إليها كل فريق .

فالبعض كانوا يقبلون بالتعاون مع السلطة الاستعمارية ، و البعض الآخر يلتزم موقف الرفض الحاسم للتعاون و موقف النضال الدائم من أجل تحرير البلاد في أقصر فترة ممكنة . و بقي هذان الاتجاهان المتعارضان متلازمين في عدن ، أما بالنسبة للمحمية ، فقد بقي التياران بعيدين عنها بحكم عدم وجود ارتباط بين المستعمرة و المحمية يسهل عملية الانتشار تلك .

و هكذا يبدو انه من المنطق أن نتكلم عن تيارات بدلاً من الكلام عن حركة واحدة منسجمة . و منذ عام 1952 – 1953 ، يمكن أن نميز من خلال ما كان يطرح من تعليقات في الصحافة العدنية ، وجود تيارين للرأي العام : أحدهما يطالب بالحكم الذاتي ، و الآخر يطالب بالتحرر الكامل .

إن التيار الأول ، أي التيار المعتدل الذي يعمل من أجل الحصول على الاستقلال الذاتي ، هو في الواقع تيار الأقلية ، لأنه يتشكل من الأجانب مواليد عدن ، أي خليط من الأجناس ، يشكل العنصر العربي الغالبية فيه ، و تدعمه الجاليتان الهندية و الصومالية التي تتألف من حوالي عشرين ألف شخص .

و كانت الرابطة العدنية التي أنشئت عام 1950 هي الوجه السياسي لهذا التيار . و كانت مطاليبها تقتصر على الإصلاحات الاجتماعية ، و على إنشاء مجلس تشريعي منتخب . و كانت تعتبر الاستقلال الذاتي مطلباً يجب أن يتم تحقيقه في عدن على مراحل و ضمن إطار الكومنولث . أما فيما يتعلق بالإطار العام للبلاد ، فقد كانت تنادي بتعزيز الأواصر بين عدن و المحمية ، إلا
أنها كانت ترى بأن المحمية يجب أن تحتفظ بنظام الحماية .

أن وجهات النظر الانفصالية التي كانت تبشر بها الرابطة العدنية ، كانت تأتلف تماماً مع نظر الإدارة البريطانية خلال أعوام 1950 -1954 . لذلك كانت تلقى منها تأييداً و مساعدة مالية .

إلا أن هذا المفهوم الممالئ للإنجليز كان يشجب و يقاوم مقاومة عنيفة من قبل التيار المعاكس الذي كان يرفض مبدأ التطور البطيء لأنه يعتبره منطلقاً رجعياً و وسيلة لتثبيت النظام الاستعماري . كما كان يرى فيه عاملاً يهدد استمرار حركة التحرر الوطني و حيويتها .

إن التيار الوطني التقدمي كان هو التيار المهيمن في أوساط الشعب العربي الذي يمثل ثلثي سكان المستعمرة . و كانت مطاليبه عام 1952 تلخص فيما يلي :

1- إلغاء الوضع الخاص بعدن كمستعمرة تابعة للعرش ، و جعلها عاصمة للمحمية .
2ـ توحيد دول الأمراء .
3- إنشاء مجالس محلية منتخبة و مجلس اتحادي في عدن .
4 ـ الاستقلال الذاتي و دستور جديد للدولة الاتحادية الجديدة .
5 ـ الإصلاحات الاجتماعية .

و عناصر هذا التيار تتألف من أعضاء الروابط و المنظمات القومية . و كان له صحيفتان تعبران عن مواقفه هما : النهضة و الفضول . و كان أنصار هذا التيار يُتهمون من قبل الإنجليز بالمشاغبين و المتطرفين . و كانت هذه الاتهامات مبرراً لملاحقتهم . و كان اعتقالهم يُبرر رسمياً بصيغة تقليدية : الإخلال بالأمن الداخلي للمحمية عن طريق نشر مقالات تمس الأمراء المناهضين لفكرة الاتحاد التي يطرحها الوطنيون . و الحقيقة هي أن السلطات الاستعمارية كانت تحاول أن تمنع فكرة دمج عدن بالمحمية من الانتشار ، و تقوم باعتقال كل من يبشر بها في تلك الفترة . فحتى عام 1953 لم تكن سلطة الحماية تفكر بأكثر من توحيد الأمارات في ظل اتحاد فدرالي يستبعد عدن و يبقي عليها كمستعمرة . و كانت تأمل بطرح فكرة الاتحاد الفدرالي بالنسبة للأمارات ، أن تستميل بعض العناصر الوطنية من جهة و أن تؤمن مستقبل الزعماء المحليين ثانية .

و مع ذلك فقد فشل مخطط التجميع الذي رسمته لندن لأنه لم يكن يلبي شروط التيار التقدمي . و عندئذ أخذت السياسة الإنجليزية منحىً مكشوفاً في تأييد التيار المعتدل مع تصميم على تحطيم مقاومة خصومه . و منذ عام 1954 تأسست صحيفة جديدة سميت ( صحيفة الفجر ) و بدأت المرحلة الأولى من مخطط التيار التقدمي في مقاومة الاستعمار .

.......................................

(1) البكري ( حضرموت و المدن ) ص 168 .

(2) مجلة أفريقيا و آسيا ، العدد 44 ، باريس 1958 .

(3) فانسان مونتيل ( العرب ) ، باريس ، 1959 ، ص 18 .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 11-14-2005, 10:22 AM
عضو نشط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 79
افتراضي

الصراع المعادي للاستعمار :

لقد اشتد الصراع المعادي للاستعمار مع ظهور طبقات اجتماعية جديدة تتطلع إلى المزيد من الحرية و من المكتسبات الاجتماعية و الاقتصادية . فمقابل البرجوازية التجارية ، قامت فئة من المثقفين المطبوعة بالأفكار التقدمية . و على الرغم من قلة عددهم فقد أرسوا دعائم التنظيمات السياسية في البلاد . و قد تلقوا دعم الطبقة العاملة الناشئة التي بدأت نواتها تتكون خلال الفترة ما بين عامي 1952 ـ 1954 ، مع إنشاء شركة مصفاة البترول البريطانية في عدن الصغرى .

إن هذه الطبقة الجديدة التي كان عددها ما يزال محدوداً ، استطاعت أن تفرض نفسها بسرعة ، و أن تغدو خلال بضع سنوات قوة سياسية طليعية . و كانت تعرف سياسياً باسم ( مؤتمر نقابات عمال عدن ) . و بفضل هذه المساندة التي لعبت دوراً حاسماً في السنوات التالية تعززت قوى التيار الوطني و تحول إلى حركة تحرير وطني بكل معنى الكلمة . و قد انضافت إلى قوة التيار الوطنية قوة أخرى تتمثل في القومية العربية التي تحرك بعمق كل طبقات الشعب . أن الفترة 1952 ـ 1954 ، تشكل مرحلة الانطلاق في هذا الصراع لسببين رئيسيين :

1 ـ فهي الفترة التي شهدت نشوء طلائع التنظيمات السياسية و النقابية .

2 ـ و هي الفترة التي تتفق و قيام حوادث الاصطدامات الكبرى بين الحركة الوطنية و بين الاستعمار البريطاني و حلفائه .

و الواقع أن عدة تجمعات سياسية و أيدلوجية ولدت خلال هذه الفترة . و قد بقيت مشتتة مبعثرة طيلة مرحلة الانتقال من الإدارة المباشرة إلى الاستقلال الذاتي الداخلي .

و قد عرفت السلطات الاستعمارية كيف تبقي على الانقسام بين القوى ، و كيف توسع رقعة الخلاف و الشقة فيما بينها . و بتأثير تدخلها من جهة و تضافر الحوادث في الشرق الأوسط عام 1956 ( السويس ) و عام 1958 ( اتحاد سورية و مصر ، و ثورة العراق ) فقد عرف التياران على السواء تطورات عميقة في داخلهما . فكلاهما اخذ يعمل على التكيف مع الظروف الجديدة حتى يكسب الشعب إلى جانبه . إلا أن هذا السباق الذي كان مصحوباً بالمزايدات و بالديماغوجية ، قد عرّض التيار المعتدل لنكسات قاسية ، رغم دعم السلطات له .

و فد اندفع قسم من القادة الشبان إلى الانفصال عن الرابطة الإسلامية بعدما لاحظوه من جمودها و عدم فعاليتها ، و أنشأوا عام 1950 رابطة أبناء الجنوب العربي (1) ، التي أصبحت تشكل مع الرابطة العدنية المنظمة الكبيرة الثانية في عدن . و أصبحت الرابطة على رأس الحركة الوطنية المعادية للاستعمار . و كانت تحظى بتأييد حزب اليمن الحرة ، و عدة منظمات اجتماعية و ثقافية . و تحت إلحاحها و تحريضها ، تشكلت عام 1953 أولى النقابات العمالية و نقابات المستخدمين . و لهذا السبب أخذت الحركة النقابية منذ البدء طابعاً سياسياً .

و كلما ازدادت وطأت المطاليب الوطنية وضوحاً و دقة ، كلما أدرك الإنجليز أن اهتمامهم بتنفيذ مطاليب التيار المعتدل يضع بين أيديهم كفة معادلة في وجه المتطرفين . و على هذا الأساس أيدوا ( الاتحاد العدني ) ، و كانوا يطمحون من وراء ذلك إلى إنشاء قاعدة ثابتة للتيار المعتدل و تحويل أنظار الشبيبة العدنية عن التيار التقدمي الذي أصبح قوة ذات شأن و خطر .

أما القوى الوطنية فقد كانت تجمع النوادي و الروابط و النقابات . و هي عبارة عن مجموعات منظمة نشيطة تضيق ذرعاً بالنظام الاستعماري و تقف كتلة واحدة في وجهه . وتجدر الإشارة إلى أن برنامجها قد خضع لتبدلات عميقة ، كما يبدو من خلال الصحف التقدمية ( الفجر ، البعث ، الجنوب ، العربي ) و يتلخص هذا البرنامج على الشكل التالي :

1 ـ الدعوة الملحة إلى وحدة النوادي و التجمعات الوطنية .

2 ـ الدعاية لاتحاد اليمن الجنوبي كما تتصوره الحركة الوطنية ، لدى زعماء القبائل .

3 ـ الدعوة إلى الوطنية و إلى القومية العربية و إلى التخلي عن الروح العشائرية .

4 ـ خلق حركات تعبئ الرأي العام للضغط على الإدارة البريطانية من أجل تطوير تعليم العربية و من اجل فرضها كلغة رسمية محل اللغة الإنجليزية ( على سبيل المثال : في عام 1955 هدد سائقو التاكس بالإضراب إذا لم يصبح استعمال الحروف و الأرقام العربية إلزامياً على لوحات السيارات ) .

5 ـ تمجيد القومية العربية في جميع أشكالها و خاصة مصر رائدة القومية العربية .

إن إحدى المظاهر البارزة لهذه الدعاية التي لفتت نظر ( ت . برنيي ) (2) هي عدم وجود مكان بارز للدين فيها . و أنها تحمل اسم القومية العربية . إن التطور الذي حصل على الصعيد الفكري بين هذا البرنامج و بين برنامج عام 1952 ، تطور واضح و كبير . فقد أصبح التركيز على الوحدة ، و على القومية العربية و على النزعة الوطنية المعادية للقبيلة و للاستعمار . و تجاوزت الحركة الوطنية الصراعات الحزبية و المحلية ، و ارتفعت الأصوات المطالبة بالقضايا السياسية و الاجتماعية . و أصبحت الإدارة الاستعمارية تصطدم بضغط الجماهير و تجد نفسها أمام ( جبهة وطنية موحدة ) تجمع القوى الوطنية ، لا أمام حزب معارض واحد . و قد كان تحالف تلك القوى و عدم توحيدها ، عاملاً في ازدياد قوتها و بأسها . إلا انه في الوقت نفسه كان يشكل عامل ضعف بالنسبة إليها .


الجبهة الوطنية الموحدة :


لقد قامت هذه الجبهة في نوفمبر 1955 قُبيل الانتخابات التشريعية التي جرت في 15 يناير , و قد نجحت هذه الجبهة في كسب التأييد المعنوي لقسم من التجار العرب في عدن ، بالإضافة إلى الدعم المادي للتجمعات التقليدية . إلا أن العنصر الجديد حقاً هو دخول بعض الأمراء بشكل جزئي و خجول . و ذلك بفضل مشاركة بعض قادة ( رابطة أبناء الجنوب العربي ) التي كانت تتمتع بسمعة عالية في الجبهة الوطنية الموحدة .

و قد وضع هذا التحالف بين القوى الوطنية لنفسه برنامجاً مؤلفاً من النقاط الثلاث التالية :

1 ـ تفشيل انتخابات 1955 و مشروع الاتحادات .

2 ـ تشجيع المطالب العمالية .

3 ـ انتهاج خط سياسي موحد .

و الواقع أن الجبهة وقفت حائلاً دون نجاح سياسة ( السير نحو الحكم الذاتي ) و ذلك عن طريق تنظيم حملة لمقاطعة الانتخابات . و لم يبق في المعركة الانتخابية سوى الإدارة البريطانية و المرشحين الذين ينتسبون إلى الاتحاد العدني . و هكذا باءت الانتخابات بفشل ذريع .

أما المشروع الاتحادي الذي طُرح من جديد عام 1956 ، فلم يكن حظه في النجاح أوفر من حظ مشروع 1954 ، و ذلك بسبب وعي و يقظة القوى الوطنية .

و على صعيد المطاليب العمالية ، كانت النقابات تطالب بحق الإضراب و بضمان العمل و بصندوق للبطالة ، و بالتقاعد و برفع الأجور ، و تحديد حد أدنى مكفول للأجور . و كانوا يحتجون ضد التشريع الذي يشجع الهجرة إلى عدن في البلدان التابعة للكومنولث . و كانت السلطات البريطانية تدّعي من جهتها بأن تدفق الشغيلة اليمنيين يشكل تهديداً للعدنيين الذين يسعون وراء العمل ، ناسية باقي الفئات من المهاجرين المتدفقين على عدن من بلاد تحت إشراف الإدارة البريطانية . و قد دعمت الجبهة النقابات دعماً كلياً ضد إدخال الأيدي العاملة الأجنبية . و قد نظمت الجبهة بالاشتراك مع النقابات سلسلة من الاضرابات ذات طابع مهني و سياسي عام 1956 ، كانت الأولى من نوعها في تاريخ اليمن الجنوبي . و قد وجدت السلطات البريطانية نفسها تجاه شمول حركة الاحتجاجات مدفوعة إلى معالجة شكوى الطبقة العاملة بتفهم . و هكذا حصل عمال و مستخدمو الطيران المدني على زيادة في مرتباتهم . و اتخذت تدابير لحماية العمال العرب من تدفق العمال المهاجرين . و منع استيراد اليد العاملة الأجنبية . و سويت أجور المؤسسات الخاصة . و على وجه الأجمال فقد كانت حصيلة تجربة القوة جيدة و خصبة .

و قد وضعت الجبهة الوطنية الموحدة لنفسها هدفاً نهائياً إنشاء جمهورية للساحل اليمني ذات طابع مركزي تتألف من المحميتين و من اليمن . و تكون عدن هي العاصمة مؤقتاً بانتظار سقوط الحكم الملكي في صنعاء .
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 11-14-2005, 10:22 AM
عضو نشط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 79
افتراضي

و كانت الجبهة تعتبر الطريق الموصلة لهذا الهدف تمر بمراحل ثلاث :

1 ـ توحيد السلطنات في دولة واحدة تحكم من عدن من قبل مجلس منتخب بواسطة الاقتراع العام .
2 ـ تخلي الإنجليز عن المستعمرة .
3 ـ ضم اليمن فيما بعد و إعلان الجمهورية .

غير أن الجبهة ما لبثت مع الأسف أن تصدعت بتأثير التنافس الشخصي و الخصومات قبل أن تحقق برنامجها . و الحقيقة هي أن الجبهة لم تتمكن من امتصاص التجمعات التي وحدتها في وقت ما . و مع ذلك استطاعت رغم كيانها المهدد أن تحقق انتصارات هامة جداً لمجرد كونها تحالفاً للقوى التقدمية . فقد كانت منظمة كفاح ، و قد وصل تأثيرها حتى للمعتدلين الذين وجدوا أنفسهم مرغمين على إعادة النظر في مواقفهم حتى لا يتهموا بالتخاذل و بالتخلي عن الشعب . كما كان من نتائج عملها اضطرار الإنجليز و إجبارهم على إعادة النظر في سياستهم .


القوى المحافظة :

يمكن اعتبار ( الرابطة العدنية ) و ( الاتحاد العدني ) لسان حال القوى المحافظة . و بقدر ما كانت الجبهة الوطنية المتحدة تجمعاً هجومياً غير متبلور التنظيم و الكيان ، كانت الرابطة العدنية تجمعاً دفاعياً يمثل :

1 ـ البورجوازية العدنية و الطبقة التجارية الهامة المؤلفة بالدرجة الأولى من الآسيويين و الأوروبيين و بعض التجار العرب .

2 ـ قسماً كبيراً من جهاز موظفي الدولة ، و من الموظفين في المؤسسات الأجنبية .

و دعم هاتين الفئتين للرابطة يعود إلى دوافع سياسية و اقتصادية . فعلى الصعيد السياسي لم يكن العدنيون غير العرب بوجه خاص ، بمستعدين لوضع شؤون المستعمرة بين أيدي رجال الحركة الوطنية . و كانوا يتطلعون إلى نوع من الاستقلال الذاتي الداخلي داخل إطار العائلة البريطانية .

أما على الصعيد الاقتصادي و الاجتماعي ، و هو العامل الأشد تأثيراً ، فقد كانت الطبقة التجارية مذعورة من اتساع نطاق المطالب العمالية و الاضرابات . فقد شل الإضراب العام الذي قادة اتحاد نقابات عمال عدن عام 1956 الحياة الاقتصادية في عدن خلال ستة اشهر . و كان عبئاً تحملت نتائجه البيوتات التجارية الكبرى . و أكثر من ذلك كانت أوساط الأعمال تربط مصير الاقتصاد بالوجود البريطاني . و بالتالي كانت ترغب في بقائه أطول مدة ممكنة لأن ذلك يتفق مع مصالحهم .

و من جهة ثانية ، كان الموظفون و المستخدمون في البيوتات الهندية و الأوروبية ، و معظمهم من الأجانب ، يخشون من فقدان وظائفهم إذا ما انتقلت السلطة إلى أيدي العناصر العربية .

إن هذه المواقف النابعة من المصلحة الخاصة الأنانية التي لا تحسب حساباً لشيء آخر ، كانت تخص الأوساط التي تهتم برفاهها لا بتطور البلاد و تقدمها . و كان لا بد بطبيعة الأمر أن ينشأ تقارب بين الإدارة البريطانية و بين هؤلاء المعتدلين . و عندما شعر هؤلاء بأن الأحداث قد تجاوزتهم ، حاولوا أن يُدخلوا في برنامجهم الإصلاحات الاجتماعية ، و مشروع الاتحاد مع الاستقلال الذاتي الداخلي الذي ينادي به خصومهم . و لكن في حين أن خصومهم كانوا يعتبرون الاستقلال الذاتي خطوة أولى نحو الاستقلال الكامل ، كانوا هم يعتبرونه الغاية النهائية . كما كان المحافظون يطالبون بالأمور التالية بصورة مستقلة بعضها عن بعض :

ـ الحكم الذاتي بالنسبة إلى عدن ،

ـ وحدة المحمية ،

ـ جمع المستعمرة المستقلة ذاتياً مع المحميات داخل اتحاد ،

ـ إدخال الاتحاد ضمن الكومنولث .

تلك هي الوحدة الممكنة في نظر هؤلاء . و بتعبير آخر ، يمكن أن نقول بأن التقدميين كانوا يريدون وحدة مركزية ، أما المعتدلون فكانوا يرغبون باتحاد فدرالي فقط . و كانت انجلترا تشاطر المعتدلين وجهة نظرهم . فقد تأثرت بما للجبهة الوطنية المتحدة من جماهيرية أي من صوت مسموع لدى الجماهير ، لذلك لم تتردد في تبني البرنامج الإصلاحي و الفدرالي للرابطة العدنية .

على أن ثمة خلافاً هاماً كان يقوم بين السلطات الإنجليزية و بين المحافظين المعتدلين ، يتعلق بالأسباب العسكرية . فالسلطات البريطانية كانت تتمسك بالاحتفاظ بعدن نهائياً خارج الدولة الجديدة . الأمر الذي ما كان في وسع المحافظين الموافقة عليه خوفاً من الاتهام بالتخلي عن جزء من أرض الوطن .

و قد استمر الإنجليز في التمسك بوجهة نظرهم ، رغم أنها تضعف من جانب حلفائهم . و قد عوّض الإنجليز على هؤلاء الحلفاء بالمزيد من الدعم المعنوي و الدعم المالي . و قد دفع اضطراب الأمور بسبب هذا التعنت إلى مجموعة من التدابير القمعية : كإعلان حالة الطوارئ و إصدار مجموعة من القوانين .


..............................
(1) محمد الجفري ( حقائق عن جنوب الجزيرة العربية ) القاهرة 1956 ص 52
(2) مجلة افريقيا و آسيا ، العدد 44 .
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 11-14-2005, 10:23 AM
عضو نشط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 79
افتراضي

و كان إعلان حالة الطوارئ بمثابة إعلان عن عزم السلطات الاستعمارية على القضاء على الجبهة الوطنية . و قد عبّرت السياسة التي طبقتها عن هذا الإصرار ، أي سياسة إبعاد العناصر الوطنية و تعزيز جهاز المراقبة في سلطات البوليس .

أما القوانين التي تم إصدارها نتيجة لإعلان حالة الطوارئ فتتعلق بمراقبة الصحافة و بتخويل السلطة صلاحية مصادرة و توقيف كل صحيفة . كما يتعلق بعضها الآخر بحرمان الجالية اليمنية من حق التصويت ، بالإضافة إلى قوانين تحرّم تقديم أية مساعدة للجبهة الوطنية .

و إلى جانب هذه السياسة العنيفة ، عملت السلطات على دعم الرابطة العدنية دعماً متزايداً ، كما أنها ضغطت على أرباب العمل لدفعهم إلى تلبية مطالب العمل قدر الإمكان . إلا أن النقطة الأهم في هذه المواجهة ، هو طرح السلطات البريطانية لاحتمال انضمام اليمن إلى الدولة الاتحادية التي سيكون على رأسها ملك اليمن . و قد كانت السلطات البريطانية تهدف من وارء ذلك إلى إحداث انقسام داخل الجبهة الوطنية ، لأن القسم الأعظم من الجبهة كان ضد هذا الاحتمال و يرفض أن تكون أسرة حميد الدين و السلالة الزيدية و لو على رأس دولة اتحادية تضم اليمن . هذا علماً بأن السلطات الإنجليزية لم تكن بشكل من الأشكال تقف موقفاً مشجعاً لمثل هذه الاحتمالات .

و الخلاصة ، فإن الأمر انتهى بحدوث انقسام داخل الجبهة بين الجناح اليساري الذي تدعمه النقابات و الذي استولى على قيادة الجبهة ، و بين الجناح اليميني الذي أصبح ممثلاً برابطة أبناء الجنوب العربي و الذي انسحب من الجبهة .
بهذا الانقسام دخلت الحركة الوطنية في أخطر أزمة عرفتها . و إذا كانت الحركة الوطنية قد احتفظت رغم ذلك بحيويتها و نشاطها ، إلا أنها أخفقت في إعادة الالتحام إلى صفوفها . و كان ذلك طبعاً مبعث سرور لخصومها .


أزمة الحركة الوطنية :

لم يعمّر تحالف الجهات المعادية للاستعمار سوى أقل من ستة أشهر ، أي تماماً الوقت اللازم لمجابهة الاستفتاء الذي نظمته السلطات الاستعمارية . فمنذ شهر مارس 1956 ، بدأت انقسامات خطيرة تظهر داخل الجبهة الوطنية الموحدة . فقد اتهمت النقابات ذات التابعية اليمنية ، رابطة أبناء الجنوب العربي ، بأنها تعمل على وضع النقابات تحت إشرافها المباشر و المطلق . كما اتهمت من قبل تجمعات يمنية أخرى بالعمل من أجل فصل عدن و محميتها و محميتها عن الوطن الأم في الشمال ، و إنشاء جمهورية انفصالية في اليمن الجنوبي .

و اتهمت الرابطة بدورها هؤلاء و أولائك بأنهم يريدون أن يقسموا الحركة الوطنية و أن يدفعوا بها ضمن اتجاه موال لليمن .
و قد كانت لهذه الاختلافات نتائج ثقيلة الوطأة . و أخذ الخلاف طابعاً سياسياً عندما شكلت النقابات بتاريخ 3 مارس 1956 اتحاد نقابات العمال العدني ، و أعطت لهذا الاتحاد النقابي الكبير طابعاً اجتماعياً و سياسياً و عندما صدر بتاريخ 22 مارس 1956 عن رابطة أبناء الجنوب العربي تصريح مطول يشدد على شخصية الجنوب و على حقه في الاستقلال .

و كان ذلك بمثابة الطلاق بين القوتين الوطنيتين ، هذا الطلاق الذي انتهى فيما بعد إلى حل الرابطة بينهما بعد أن يئس كل فريق من امتصاص الفريق الآخر .

و قد استطاع اتحاد النقابات بفضل تنظيمه و تماسكه أن يسيطر بسرعة على المسرح السياسي في المستعمرة . و أن تجتمع من حوله معظم القوى الوطنية عدا رابطة أبناء الجنوب العربي . و قد كان للاضطراب العام الذي بدأ في مارس و انتهى في نوفمبر من عام 1956 و للنجاح الكبير الذي انتهى إليه ، فضل في اتساع شهرته و ازديادها . و كان من الطبيعي نظراً لفشل التشكيلات السياسية التقليدية و إفلاسها ، أن تصبح الحركة النقابية محور النضال السياسي ضد الاستعمار .

لقد كان انغمار الطبقة العاملة في العمل السياسي شيئاً نابعاً من طبيعة الأمور ، و ليس فيه ما يدعو للدهشة . فالنقابات العمالية في كثير من البلاد المتخلفة تبدو و كأنها القوى الوحيدة التي تتمتع بسند شعبي ملحوظ و بتنظيم قوي فعال . و هذا الواقع ينطبق على عدن أكثر من أي بلد آخر . فالحركة العمالية كان لها النصيب الأكبر في الكفاح ضد الاستعمار .

و في نفس الوقت الذي كان فيه اتحاد النقابات يشق طريق الصعود ، كانت رابطة أبناء الجنوب العربي تعاني من أزمتها الحادة بسبب انسحاب قسم من إطاراتها العليا و تفكك قيادتها . و هكذا بعد أن كانت رابطة أبناء الجنوب العربي المحرك الرئيسي للحركة الوطنية و العنصر البارز في الجبهة الوطنية المتحدة ، غرقت في تعقيدات ظروف التجزئة الإقليمية . و دفعتها شكوكها بشأن اليمن إلى تبني مواقف أعطيت صفة الانفصالية من قبل عدد كبير من قادتها أنفسهم . و بعض هؤلاء القادة استنكروا علناً ذلك و لجأوا إلى المنظمة المقابلة . و في عام 1958 لجأ رئيسها و أمينها العام إلى القاهرة تاركين ورائهما في عدن منظمة هزيلة إلى درجة لم يعد الإنجليز يحسبون لها أي حساب . أما في الخارج فقد تحولت ( رابطة أبناء الجنوب العربي ) إلى مجرد ( رابطة الجنوب العربي ) . و عند إعلان قيام الجمهورية العربية المتحدة ، ثم ( الدول العربية المتحدة ) ، حاولت الرابطة أن تعدل ميثاقها و أن تدخل فيه فقرات خاصة بالوحدة العربية و بالعلاقة بين جنوب و شمال الساحل اليمني ، و أن ترفض القومية اليمنية .

و عندما تقرر ضم عدن إلى الاتحاد ، حاول الإنجليز جس نبض قادة الرابطة في المنفى للعودة و تشكيل الحكومة الاتحادية . إلا إنهم رفضوا هذا العرض و فضلوا الالتحاق بالمعارضة مع الإبقاء على مسافة ما بينها و بينهم .

و بعد ثورة اليمن الجمهورية ، حاولوا أيضاً تعديل برنامجهم و موقفهم الغامض إلا أن المحاولة جاءت متأخرة . فالرابطة على الرغم من أنها استعادت بعض نشاطها ، إلا انه كان يلزمها وقت طويل و بذل جهد أكبر حتى تنهض من كبوتها و تحول الوضع إلى مصلحتها .
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 11-14-2005, 10:24 AM
عضو نشط
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 79
افتراضي

الحركة النقابية :


لقد قام اتحاد نقابات عمال عدن عام 1956 بعمل مزدوج : فمن جهة اهتم بالمسائل الاجتماعية التي تشغل العمال ، و نجح في الحصول على اعتراف شرعي بالنقابات و بحقوقها . و من جهة ثانية أخذ الاتحاد اتجاهاً سياسياً مرناً و أصبحت الجبهة الوطنية الموحدة قاعدته الناطقة باسمه . و بعد فشل العدوان الثلاثي على السويس شددا مواقفهما و كسبا الجو على حساب الرابطة العدنية التي تواطأت مع الإنجليز .

و منذ عام 1957 أصبح الاتحاد اكبر منظمة شعبية في عدن . و أصبح له صحيفة ناطقة باسمه ( العامل ) كانت تنشر أسبوعياً مقالات مطولة حول الوضع الداخلي في الجنوب و الشمال . و قام الاتحاد بحملة عنيفة ضد الهجرة و ضد غلاء المعيشة عام 1958 . و عندما قررت السلطات في أغسطس 1960 أن تسن تشريعاً جديداً يمنع الإضراب و يفرض التحكيم في خصومات العمل ، شجبت صحيفة العامل بجرأة الترتيبات الجديدة . و على أثر الاصطدامات الدامية بين المضربين المتظاهرين و بين الشرطة ، أُغلقت الصحيفة و لوحق جهاز التحرير المؤلف في غالبيته من النقابيين ، بتهمة التحريض على مخالفة النظام . و بفضل انتساب المنظمة إلى اتحاد نقابات العمال العرب و الاتحاد الدولي ، استفادت من تضامن المنظمات العمالية في آسيا و أفريقيا و أمريكا . و علقت الصحيفة الأسبوعية الفرنسية ( النوفيل أوبسر فاتور ) على تلك الحوادث في عددها بتاريخ 7 سبتمبر 1960 بقولها :

( في عدن ، ينظم العمال اضراباً عاماً للاحتجاج على التعديات على الحرية النقابية ، مطالبين إنهاء الإدارة البريطانية و تنظيم استفتاء تحت إشراف الأمم المتحدة ) .

و على الصعيد السياسي ، ركز الاتحاد مع الجبهة جهودهما على إزالة الاستعمار في عدن و على تحرير اليمن من النظام الملكي . و كانت دعايتهم تطالب بدمج الجنوب مع الشمال . و بقدر ما كانت تلك الدعاية تحقر الإنجليز بقدر ما كانت تسبب القلق للسلالة الزيدية التي كانت تريد أن تجنب البلاد موجة الاضطرابات التي أثارها الوطنيون في المستعمرة .

مع نهاية المعركة الانتخابية عام 1959، تصدع التحالف الواهي الذي كان يجمع القوى التقدمية . و أخذت الجبهة موقفاً يختلف عن موقف الاتحاد الذي انعطف انعطافاً واضحاً نحو اليسار عام 1960 . و أصبح الاتحاد المركزي للنقابات في نظر الكثيرين من أبناء الجنوب المجسد الحقيقي ( للقومية اليمنية ) . و من هذه الزاوية بدأ يتعرض للنقد الشديد .

إلا أن الذي يجب أن يقال ، هو أن الاتحاد حاول عدة مرات أن يذيب مختلف الأحزاب الوطنية في بوتقة واحدة تحت رعايته ، إلا انه لم يصادف إلا نجاحاً جزئياً و خاصة لدى الروابط التي تهيمن عليها العناصر ذات الأصل اليمني . و ضمن هذا الاتجاه قاد عملية تشكيل الاتحاد الشعبي عام 1958 و الاتحاد الوطني اليمني عام 1959 و التجمع الوطني عام 1960 و تجمع المنظمات الوطنية و الشعبية عام 1961 . و ساهم مساهمة فعالة في مؤتمر القاهرة الذي اجتمع عام 1961 و 1962 و ضم ممثلين عن (3):

ـ النقابات العدنية ،

ـ حركة القوميين العرب ،

ـ الاتحاد اليمني ،

ـ حزب البعث العربي الاشتراكي ( فرع اليمن الجنوبي ) .

و قد حاول المؤتمرون أن يخلقوا جبهة وطنية جديدة إلا أنهم لم ينجحوا في ذلك . لذلك قرر الاتحاد المركزي للنقابات عشية مؤتمر لندن في يوليو 1962 تأسيس حزب جماهيري . و هكذا تم نشوء ( حزب الشعب الاشتراكي ) . و خلال ذلك كانت الجبهة الوطنية الموحدة قد زالت و لم يبق لها وجود . و قد قام ( حزب الشعب الاشتراكي ) بحملة عنيفة ضد المشروع الاتحادي الذي طرحته السلطات . و على الرغم من التدابير القمعية ، نجح في تعبئة الرأي العام الداخلي و الخارجي ضد السياسة الإنجليزية . إلا أنه فشل في تجميع قوى المعارضة من حوله ، بل و زاد في خصومتها له .


الاتجاهات الراهنة :

الخلاصة إننا نستطيع أن نميز على ضوء الاختلافات التي رافقت الكفاح الخصب الذي امتد على عشر سنوات ، الاتجاهات الخمسة التالية :

1 ـ الإقليمية الضيقة : التي يحرص عليها العدنيون المحافظون و غالبية الأمراء . و هي تقوم على المحافظة على التجزئة المحلية . و قد كانت السلطات الاستعمارية في البدء تشاطرهم وجهة نظرهم . إلا أن هذه السلطات بدأت تدرك مع تطور الوضع العربي خطر النزعة الانفصالية و التشتت . فأعادت النظر في سياستها و بدأت بتشجيع تجميع الإمارات داخل اتحاد فدرالي ، ثم بتشجيع ضم عدن إلى الاتحاد من أجل إجهاض الاتجاهات الفكرية و تزوير الاندفاعات الوطنية .


2 ـ الإقليمية الواسعة : و قد كانت خلال فترة من العمل الوطني تتمتع بتأييد جميع القوى التقدمية . و هذه الإقليمية الواسعة تتجاوز حدود عدن و محميتها لتضم الساحل العربي بما في ذلك اليمن . و هي تعتمد في نظرتها على منطلقات جغرافية و تاريخية و بشرية عرقية .


3 ـ النزعة الوطنية اليمنية : التي كانت تجعل من اليمن محور العمل الوطني و تعترف له بالأولوية و بالقيادة . و كانت هذه النزعة تلقى تأييدا من قسم من العمال و من صغار التجار و من الطليعة المثقفة الذين ينحدرون من أصول يمنية . كما كان ( حزب الشعب الاشتراكي ) رائد هذه النزعة . الأمر الذي أثار شكوك العناصر الجنوبية التي كانت تمثلها رابطة الجنوب العربي ، و التي كانت ترفض رفضاً قاطعاً إلحاق الجنوب باليمن ، و تقول بالتقارب بينهما شرط رفع فكرة الإلحاق . و قد أعطت هذه العناصر المجال لنشوء حركة وطنية خاصة بالجنوب .


4 ـ النزعة الوطنية الجنوبية : و هي تعمل على جعل عدن و محميتها كياناً مستقلاً ذا سيادة . و قد كانت هذه النزعة تجد في رابطة الجنوب العربي حليفاً لها ، كما كانت تعتمد على تأييد البرجوازية الوطنية الناشئة و على قسم من المثقفين و على السلاطنة . و كانت انجلترا تدعم هذه النزعة سراً ، و كانت تستعد لوضع السلطة في يدها يوماً ما ، لأنها كانت تتخذ منها وسيلة لمقاومة القومية اليمنية و القومية العربية .


5 ـ القومية العربية : إن شعب اليمن الجنوبي شديد الحساسية للقومية العربية . و باستثناء أصحاب النظرة الإقليمية الضيقة ، تشكل القاسم المشترك لجميع الاتجاهات الأخرى بدرجات و نسب متفاوتة تتراوح بين رفع الشعار و بين الالتحام الكلي بحركة القومية العربية .


إن لكل اتجاه من الاتجاهات السابقة أشياعه و جهاز دعايته الذي تتولاه الأحزاب السياسية . و هذه الأحزاب السياسية تنتشر بين الجماهير دون أن تعلن عن برامج محددة ، و تطغى عليها اللفظية أي لغة الشعارات ، و هي حسب التعبير الماركسي ( أحزاب البرجوازية الصغيرة ) .


..............................
(3) قحطان الشعبي ( الاستعمار البريطاني و معركتنا في الجنوب اليمني المحتل ) القاهرة 1962
.............................


.................... يتبع .......................
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:21 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
الحقوق محفوظة لدى منتديات مركز صوت الجنوب العربي (صبر) للحوار 2004-2012م

ما ينشر يعبر عن وجهة نظر الكاتب أو المصدر و لا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة