نراهن على حقنا في البقاء

[اسدالجنوب]

بقلم : عوض بريوم
أتساءل كغيري : يا ترى ماذا يدور في رأس النظام الفاسد في صنعاء وهو يمارس أسلوب التخويف والترهيب وإخضاع الناس عن طريق نشر الدبابات والآليات العسكرية الثقيلة على مداخل مدن الجنوب ؟ أيظن أنه بذلك إنما يستطيع أن يسكت شعب الجنوب الأعزل من السلاح والمسالم من البوح والتعبير السلمي عن سخطه ورفضه لكل أشكال الظلم الاجتماعي والإبادة ؟ ، وكذا حالة الإلغاء ومسخ الهوية التي تمارسه الحكومة اليمنية ضده ؟

أيظن هذا النظام الذي ترسخ لديه تقاليد العنف والإرهاب ، وتراكمت في رصيده عهود من الظلم والإفساد والمغالطات ، إن ما تشهده مدن الجنوب وقراه من صحوة لانتزاع حقه المستلب إنما حدث عابر يمكن التقليل من شأنه او التعتيم عليه ؟
أيظن هذا النظام أنه يستطيع أن يتمادى في كذبه وتزييفه للحقائق وسياسة النهب التي يتفنن في ممارستها؟ .. مخطئ دون شك نظام صنعاء ! لقد غابت عن ذهنه حقيقة في غاية البساطة وهي أن شعب الجنوب هو شعب حي يعرف تماما كيف يقول كلمته وينتزع حقوقه المستلبة ، ها هو شعب الجنوب اليوم يصرخ بأعلى صوته داخل مدنه وفي كبرى مدن العالم يدعو الضمائر الحية في كل أنحاء المعمورة أن تصغي الى ندائه على امتداد الأفق المترامي .. شعب حي يرفض الإبادة ومسخ هويته وإلغاء تاريخه وإنجازه الحضاري ، لقد أسمع الجنوب صوته للعالم ، وها هو اليوم يضرب أروع الأمثلة في النضال السلمي طويل النفس حتى ينال استقلاله .
أن ما شهدته مدن الجنوب يوم السابع من يوليو الجاري ذكرى الاحتلال المشئوم عام 1994 ، من انتشار كثيف للآليات العسكرية والجنود المدججين بالسلاح بكل أسلحة الفتك في مواجهة شعب أعزل ، إنما يعكس حالة الهستيريا التي وصل اليها حكام صنعاء .
لا أدري ! لعلهم يجهلون بديهيات التاريخ ، فهم لا يعون بأن هذه الأصوات المتعالية لا يمكن إسكاتها بجنازير الدبابات ودوي المدافع ولعلعة الرصاص وملئ السجون والمعتقلات بالشرفاء والأبرياء الذين لا ذنب لهم سوا أنهم صرخوا في الطغاة بلا ! لا للاحتلال لا للإلغاء لا للضم والإلحاق ، لا لنهب الثروات .
هؤلاء الطغاة جن جنونهم لأنهم ظلوا يراهنون كعادتهم على إسكات الشعب بعد أن كرسوا ثقافة العزل والتجهيل وإلغاء الفرص ، إنهم حكام طغاة وجهلة لا يفقهون حتى أبجديات لغتهم ، يقفون فوق هرم سلطة شيدوها فوق جماجم الشرفاء ومعاناة المستضعفين والآم الأبرياء .
شعب الجنوب يراهن على حقه في البقاء وتكريس صورته الحضارية وتاريخه المتميز وعلى إسهامه الحاضر في الثقافة الإنسانية ، في فنونه وآدابه وقيمه المدنية ، حيث بقيت عدن حاضرة الجنوب مركز إشعاع فكري وحضاري ألهمت كل أبناء الجزيرة العربية شاهدة على آمال شعب أحب الحياة وأراد بوعي أن يجسد لنفسه مكانا بين الأمم التواقة للحرية والكرامة والسلام .